أحدث الموضوعات
recent

مصر بين النظام والتنظيم




لن أخطئ إذا قلت إن العالم انبهر بثورة مصر التى أطاحت برئيس جثم على صدورنا لمدة ثلاثة عقود، لكنى متأكد أن هذا العالم "برج من مخه طار" وهو يستمع إلى إعلان نتيجة الجولة الأولى لأول انتخابات رئاسية في مصر الثورة.
فحقيقة إعادة شفيق ومرسي أحبطت قطاع عريض من الشعب المصري، ولن أبالغ أن قلت إنها أحبطت كل شباب مصر- مش بس بتوع الفيس وتويتر- لكنها الحقيقة التى فرضتها علينا اللجنة العليا والمجلس العسكري وحالة الانشقاق الثوري التى ضربت الشارع المصري بعد انتخابات البرلمان.
كنت من مؤيدي أبو الفتوح ومازلت حتى الآن مندهش من تأخر ترتيبه في نتيجة المرشحين، البعض يرى أن مناظرته مع الفِـل عمرو موسى هي السبب، والبعض الآخر يرى أن التأييد السلفي هو السبب، وبعضاُ ثالثاُ يرى أن تصريحاته المهادنة للإخوان هي السبب، لكن ولا سبب من كل ما ذكر يقنعني.
لكن الموقف الآن أكبر من أبو الفتوح وصباحي وخالد على، وأكبر من أي شخص؛ لأنه متعلق بمصير أمة ومستقبل ثورة، الموقف اليوم لا يتطلب أي ميوعة أو رعونة، فالثورة الآن تواجه عدواً لدوداً، لم يعترف بها منذ اندلاعها، وتأسف لنجاحها، عدواً مازال إلى الآن يفخر بالمخلوع ويراه قدوته ومثله الأعلى، عدواً يهدد معارضيه –وهو مازال مرشح- بأنه سينسفهم في حالة الاعتراض على فوزه و"العباسية بروفة"، عدواً كل انجازاته أنه أقام صالة بمطار صُنِف ضمن أسوأ عشرة مطارات بالعالم، عدواً يرفض أن نطلق على الصهاينة أعداء بحجة أن بيننا اتفاقيات، فهل كل هذه العداوات الكامنة في شخص واحد لا تستدعي من شرفاء مصر أن يلقوا بخلافاتهم الفكرية والسياسية جانباً، قبل أن يُـلقي بهم هذا العدو في غياهب السجون والمعتقلات لاحقاً؟!
قبل أن يعتقد البعض أننى أطالب الجميع بانتخاب مرسي لانتمائه للتيار الإسلامي الذي أؤمن بفكره وانتمي له، أود أن أذكر بأني لو كنت مقتنعاً تمام الاقتناع بالجماعة ومرشحها ومشروعها لما ترددت للحظة منذ الجولة الأولى في تأييدهم، لكن بيني وبين الجماعة العديد من الخلافات التي يتفق فيها معي الكثير، ولكن كما ذكرت أن مصر أهم من أي خلاف سياسي أو منهجي أو فكري أو شخصي.
جميعنا يدرك أن جماعة الإخوان لها من الأخطاء في الفترة القليلة الماضية الكثير والكثير، لكن جميعنا أيضاً لا يستطيع أن ينكر خطايا نظام أفـسد وأهلك الحرث والنسل، فإما الاختيار بين تنظيم يُـخطئ وبين نظام يُـهلك.
الأمر أشبه –رغم سخافة التشبيه- بأن يلعب الأهلي مع فريق صهيوني، لأنها الحالة الوحيدة التى سأشجع فيها الأهلي –وأنا معروف بعصبيتي الشديدة للأبيض- وكذلك الأمر بالنسبة لمرسي وشفيق، منافس يواجه عدو، نظام فاسد في مواجهة تنظيم يخطئ، فمن سنختار؟!
دعوات المقاطعة تؤكد على مقولة الأكثر من رائع دائماً أستاذي بلال فضل: "طبعا وراء كل صوت لشفيق تآمر من المجلس العسكري لتكريه الناس في الثورة وإعلام مضلل بيخوف من الإسلاميين بس كمان وراه ثائر ماعرفش يتواصل مع شعبه"
فمشكلة شباب الثورة أنهم في كل ميدانٍ يهيمون، ويكتفون بالظهور في القنوات الفضائية، ويعاملون البسطاء من فوق أبراج عاجية، دون النزول إلى الشارع –وهو ما كسرته حملة كاذبون- مما نتج عنه انفصام بين إرادة الشباب الثوري ورغبة الشعب "اللى بيدور على أمنه ولقمة عيشه".
أدعو الجميع إلى التعقل والتفكير ولو قليلاً، فهل لم تعد مصر تستحق منا التنازل؟!، التنازل من جميع الأطراف، من الإخوان واليسار والليبراليين والعلمانيين والقوميين، تنازلوا قبل أن تنزلوا جميعاً في "طره والعقرب ووادي النطرون".
أيها المصريون.. مصر تستحق منا أن نهدأ ونفكر ونشارك ونتحد معاً ضد سفاح يعشق الاستبداد والاستعباد
أيها الإخوان.. بادروا بالاعتذار عن أخطاء الفترة الماضية وطمأنوا الشعب عن مستقبل الفترة القادمة
أيها الشباب النقي.. "لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"
أيها المرشحون المستبعدون –ولن أقول الخاسرون-.. أثبتوا لنا أنكم لستم بطلاب منصب أو كرسي واتحدوا جميعا ضد عدونا وعدوكم.
فيا شعبنا الحبيب.. لقد أبهرت العالم بثورتك، فلا تخذل بلدك وثورتك بإعادة إنتاج أبناء مبارك الذي دمرك.
أيها الشفيق .. أيها العسكر.. أيها القضاة..
هي الثورة تقول بملء فيها                           حذارٍ حذارٍ من بطشي وفـتكي
فـلا يـغـرركم مـني ابـتســام                           فقولي مـضحـكٌ والفعل مُـبكي
مع الاعتذار للشاعر ولبيت الشعر الأصلي

عبدالرحمن كمال
Yonis_614@yahoo.com

زقاق النت

زقاق النت

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.