أحدث الموضوعات
recent

لماذا تصاعدت العلمانية العربية وما دورها المنتظر؟



عجيب أمر العلمانية العربية، كل معاركها -وانتصاراتها التي لا تدوم كثيرا- تخوضها ضد ثوابت الدين الإسلامي على وجه الخصوص.
تصر العلمانية العربية على الاصطدام فقط بثوابت الدين الإسلامي التي ورد بها نص قرآني صريح، أي أنها انتقلت من مرحلة الاصطدام بتأويلات الفقهاء للنصوص القرآنية -وهي معركة كان يبدو على ظاهرها المنطق والعقلانية في بعض الأمور- إلى مرحلة الاصطدام بالنصوص الصريحة.
هذا التصعيد العلماني يأتي مدفوعا بالضرورة بسعي أنظمة الحكم العربية إلى تبني العلمانية، بعد أن انتهى دور السلفية في نسختها الوهابية التي حكمت ودجنت العالم العربي وأنفقت عليها السعودية مليارات لنشرها، وكانت عونا لتمكين طغاة العرب بتحريمها الخروج عليهم تارة، وخدمة الأهداف الأمريكية في شن الحروب تارة أخرى - الجهاد الأفغاني والحرب في سوريا نموذجان.
العلمانية العربية لا تمارس نشاطها إلا على حجر الحكومات، وعلى ما يبدو أن القادم لها هو ان تحل محل السلفية الوهابية، ولعل هذا ما اكده تصريح سفير الإمارات في الولايات المتحدة، وإذا كان دور السلفية السابق هو تمكين طغاة العرب وتبرير وشرعنة الحروب الأمريكية، فإن العلمانية العربية سيكون دورها هدم ما أرسته هذه السلفية من ثوابت، كمقدمة لامفر منها لتسهيل عملية تطبيع علاقات العدو الصهيوني مع العرب -كشعوب- وهي المهمة التي كان من الصعب إسنادها للسلفية الوهابية.
العلمانية العربية بأغلبية المنتمين لها لا يقربون من العدو الصهيوني ويصرون على تجاهل كونه كيانا عنصريا دينيا قبل ان يكون كيانا استعماريا، كم مرة شن العلمانيون العرب هجوما حادا على تصريحات الحاخامات التي تفوق بمراحل كل فتاوى ابن تيمية وكل شيوخ السلفية الوهابية؟ الإجابة ولا مرة، كم مرة تطرق العلمانيون العرب إلى فتاوى حرق الرضع العرب الصادرة من حاخامات ووزراء صهاينة متدينيين؟ الإجابة ولا مرة، كم مرة انتقد العلمانيون العرب اعتماد القضاة الصهاينة على فتوى من القرون الوسطى (هناك تصريح شهير لقاضي صهيوني في هذا الصدد)؟ الإجابة ولا مرة، كم مرة انتقد العلمانيون العرب تغول الحاخامات والمتدينيين وسيطرتهم على حكومة العدو الصهيوني؟ الإجابة ولا مرة.
لم نتحدث عن موقف العلمانية العربية من العدو نفسه، لأن بعض العلمانيين العرب موقفه مشرف في هذا الصدد، لكن الغالبية لا تتبنى ها الموقف.
العلمانية العربية الان، تساند السيسي الصهيوني، فقط لأنه يخوض معركة ضد مقدس إسلامي، رغم ان مواقف السيسي كلها صهيونية عن ظهر قلب، لكن من متى كانت الصهيونية عدوا للعلمانية العربية؟ طبعا لا أدافع عن شيخ الأزهر، لكن العلمانية العربية كانت وقت حكم الإخوان تطالب بالاحتكام للأزهر باعتباره المرجعية الدينية الوسطية، وبعد التخلص من التيار الإسلامي بانقلاب عسكري دموي، جاء الدورعلى الأزهر نفسه، وفجأة تناسى دعاة الاحتكام لمرجعية الأزهر هذه الدعوات، وباتوا يطالبون بتطهير الأزهر، للتخلص منه ومما يمثله من رمزية دينية يكرهها العلمانيون العرب، رغم أنها لا غنى عنها في أوروبا وأمريكا (أين كان العلمانيون العرب من صور ترامب ونتنياهو مع الحاخامات والقساوسة الانجليين؟).

العلمانية العربية تحولت إلى مجرد أفكار مشتتة لمجموعة تحقق ثروات وشهرة ومجدا من سب الدين الإسلامى، ولعل السبب وراء هذا أن العلمانية والليبرالية العربية تضع الإسلام كنقيض لتظهر ذاتها كمخلص وفي نفس الوقت لتخفي تناقضاتها ، لأنه في ظل غياب أي تحد أيديولوجي شامل ستجد الليبرالية نفسها محكومة بالانحطاط كما صرح هنتنغتون مرة معترفا ، بل وذهب أبعد من ذلك ليعلن أن في غياب ذلك التحدي الأيديولوجي سيلتهم التجزؤ والتعددية الثقافية مجمل الأفكار والفلسفات التي تشكل وصال المجتمع الأمريكي والغربي عموما.

زقاق النت

زقاق النت

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.