ابراهيم نوار
تجري حاليا مفاوضات سرية بين الحكومة المصرية ومسؤولي صندوق النقد الدولي، بشأن برنامج مساعدة جديد من الصندوق إلى مصر. لكن حتى الآن لم يتم الاتفاق نهائيا على قيمة القرض، ومدته، وطريقة سداده، وتكلفته، والشروط المفروضة من الصندوق التي يجب أن تلتزم بها الحكومة للحصول على القرض والبرنامج الزمني لتنفيذ هذه الشروط تحت رقابة صندوق النقد الدولي.
وتتضمن الشروط ما يلي:
أولا: القرض الجديد لن يكون ميسرا نظرا لضخامة مديونية مصر للصندوق. وطبقا لنظام الصندوق فإن سعر الفائدة على القرض الجديد سيكون في حدود 4% سنويا. هذا السعر يزيد بمقدار 5 مرات تقريبا عن سعر الفائدة الأساسي على قروض الصندوق، وعن سعر الفائدة الذي قال وزير المالية أن مصر حصلت عليه في إصدار سندات "الساموراي" في السوق اليابانية في أوائل الشهر الحالي بمعدل 0.85%.
ثانيا: يشترط الصندوق الالتزام بـ "نظام مرن لسعر الصرف" وقد اتهمت مديرة الصندوق البنك المركزي المصري ضمنا بالافراط في استخدام النقد الأجنبي في المحافظة على سعر مصطنع للجنيه المصري. ومن الواضح أن تخفيف قبضة البنك المركزي عن سعر الصرف منذ قرارات 21 مارس يسير في اتجاه الاستجابة لشروط الصندوق.
ثالثا: يشترط الصندوق الإسراع في تنفيذ برنامج الخصخصة التي تتلكأ الحكومة في تنفيذه بعد أن وعدت به أكثر من مرة في الأعوام الأخيرة. كما يطالب الصندوق بتفكيك بعض الاحتكارات الحكومية واعادة هيكلتها وطرحها للبيع. وتجري في الوقت الحاضر مناقشات محمومة بين الحكومة وإدارة الصندوق السيادي من أجل وضع قائمة سريعة لعدد من الشركات والبنوك استعدادا لطرحها في البورصة قبل نهاية السنة المالية الحالية، وفي السنة المالية التالية. وقد نشهد بعض المفاجأت في أسماء البنوك والشركات التي سيتم طرح حصص منها للبيع، أوإعادة هيكلة بعضها استعدادا لطرحها.
رابعا: لغرض ترويج القرض وسط تقديرات واسعة النطاق بأن سياسة الإصلاح الاقتصادي أدت إلى زيادة الفقر وسوء توزيع الدخل واللامساواة الاجتماعية، يسعى الصندوق إلى أن يصبغ القرض الجديد بطابع اجتماعي، لكن توقعاتنا أن ذلك لن يتجاوز تحسين الصورة الشكلية لبرامج قائمة بالفعل مثل "تكافل" و"كرامة"، وأن الحصاد النهائي للقرض الجديد سيكون مزيدا من التداعيات السلبية على الاقتصاد الحقيقي والطبقة الوسطى والفقراء، التي نتجت عن المساعدات السابقة للصندوق إلى مصر والتي بلغت قيمتها حوالي 23 مليار دولار في السنوات الخمس الأخيرة.
الشروط المرتبطة بالقرض الجديد تطرح سؤالا كبيرا حول الحكمة في طلب القرض، وما إذا كانت مصر فعلا في حاجة إلى هذا القرض، خصوصا بعد أن حصلت على حزمة مساعدات سخية من الرياض وابوظبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق