هجرة توجها تحويل القبلة
د.مجدي قرقر
رضى الله عن أمير المؤمنين عمر أول من عمل بالتقويم الهجري.
يقول "مركز الفتوى - موقع إسلام ويب": "المشهور أن أول من أرخ بالهجرة في الإسلام هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة سبع عشرة للهجرة، فقد أخرج الحاكم عن الشعبي أن أبا موسى كتب إلى عمر: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم أرخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها، وذلك سنة سبع عشرة، فلما اتفقوا قال بعضهم: أبدأوا برمضان فقال عمر: بل المحرم، فإنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه.. والله أعلم.
كان من الممكن أن يؤرخ بمولده صلى الله عليه وسلم ولكن محمد ولد قبل الإسلام ونحن نؤرخ للإسلام، كما أننا أمة لا تعبد محمد وإن أحببناه وآمنا به وصدقناه، كان من الممكن أن يؤرخ عمر بمبعثه عليه الصلاة والسلام ولكن محمدا كان قبل الإسلام بمكة وبعدها بمكة ولم يكن هذا ليحقق فصلا زمانيا ومكانيا واضحا خاصة وأن زمن البعثة غير محدد بدقة وهل كان قبل انقطاع الوحي أم بعده، اختار عمر هجرة نبيه صلى الله عليه وسلم وفقا لما أخرجه الحاكم عن الشعبي لأنها فرقت بين الحق والباطل. أي أن الهجرة حققت فصلا زمانيا ومكانيا (مكة والمدينة) وإيمانيا (حضاريا: القوة والضعف – الحق والباطل) ونتيجة لوضوح هذا الفصل سميت سور القرآن بالمكية والمدنية.
*****
لقد كانت الهجرة إعلانا للعالم بأن عهد حضارة الإسلام قد بدأ.. ولقد جاء تحويل القبلة تتويجا للهجرة وتأكيدا على انتقال مركز الثقل الحضاري من أمة اليهود والنصارى (متمثلة في قبلتهم بيت المقدس - القدس) إلى أمة الإسلام (متمثلة في قبلتهم بيت الله الحرام - مكة المكرمة) فجاءت آيات سورة البقرة التي توسطتها لتتحدث عن الأمة الوسط التي ستحمل لواء حضارة العالم.
سورة البقرة 286 آية تتوسطها - وفقا لعلم الإحصاء - الآيتين 143 & 144 آيات تتحدث عن الأمة الوسط وانتقال مركز الثقل الحضاري إليها بتحويل القبلة.
} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) {
تحويل القبلة تتويج للهجرة لتكون أمة الإسلام الأمة الوسط الخيرة العدول الشاهدة على الأمم السابقة ويكون محمد صلى الله عليه وسلم على الناس شهيدا وهذا سيكون كبيرا وصعبا على أهل الكتاب الذين سيفقدون السيادة الحضارية كما أنها ستكون كبيرة على ضعاف الإيمان ولن تكون كبيرة على الذين هداهم الله ومنّ عليهم بالإيمان والتقوى " وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)"
*****
وهكذا كانت الهجرة
** هجرة مكانية من مكة إلى المدينة
** هجرة زمانية جعلت النصيب الأكبر لبناء الإنسان والنصيب الأقل لبناء الدولة والحضارة
** هجرة حضارية من مجتمع الضعف والاستكانة إلى مجتمع القوة والتمكين
** هجرة إيمانية من الإيمان بالعقيدة إلى ترسيخ العقيدة والالتزام بالشريعة (الأخلاق - العبادات - المعاملات) المرتكزة على العقيدة
** هجرة من أمة منهزمة حضاريا إلى أمة تسود حضاريا
القاهرة 2 أغسطس 2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق