أحدث الموضوعات
recent

جريمة بشعة في الوراق.. هل اقترب المصير الأسود الذي رصده «عقيدة الصدمة»؟!


عبدالرحمن كمال

«جريمة الوراق البشعة.. حداد يفتح النار على أسرته ويقتل ابنه الأكبر وزوجته ويصيب 3 من أبنائه.. والمتهم: مصروفات البيت السبب».. كان هذا عنوان أحدث الجرائم الكارثية التي يشهدها المجتمع في مصر، والتي أخذت في الازدياد بشكل مرعب، دون أي اهتمام من الدولة المصرية بمعرفة أسباب تلك الجرائم، أو ربما لكونها تعرف السبب جيدا لكنها ترفض الاعتراف به؛ لكونها المتهم الأول!!

منذ سنوات نحذر من مخاطر الانصياع خلف منظومة النهب الدولي الممثلة في صندوق النقد والبنك الدوليين، لكونهما من أهم وأخطر أدوات إخضاع الدول وتدميرها بشكل مضمون النتائج أكبر حتى من التدخل العسكري أو الثورات الملونة.

منذ اللحظة الأولى لانقلابه العسكري، أدرك السيسي أن مفتاح بقائه في الحكم هو تقديم المزيد من الخيانات والخضوع بشكل أكبر مما قدمه المخلوع مبارك، وعرف تمام المعرفة أن ثمن الاستمرار في الحكم هو الانصياع في خطة تدمير مصر بشكل ممنهج، تارة بالتفريط في أراض استراتيجية مثل تيران وصنافير لصالح العدو الصهيوني (السعودية لا ناقى لها ولا جمل في الجزر ولم تطالب بها، لكنها مأمورة هي الأخرى من نفس ولي أمر السيسي)، وتارة بالتآمر على مصر دولة وشعبا بالتفريط في حقوق مصر في نهر النيل (وهي أعظم خيانة لحاكم في تاريخ مصر، لكن الشعب لم يدرك أبعاد هذه الخيانة وخطورتها بعد) وثالثة بتسليم الاقتصاد المصري لمنظومة النهب الدولي وتابعها قفة (الإمارات ودول الخليج ومن خلفهما إسرائيل).

وفيما يخص النقطة الأخيرة، حذرنا أكثر من مرة من مخاطر تدمير الاقتصاد وسياسات الاقتراض التآمرية التي ينتهجها السيسي، وكان دليلنا في التحذير من مخاطر هذه الخيانات تجارب الدول السابقة التي رصدها كلا من قرصان الاقتصاد جون بيركنز في كتابه "الاغتيال الاقتصادي للأمم" ونعومي كلاين في كتابها "عقيدة الصدمة" وقلنا أن قراءة وفهم كل كلمة في الكتابين فرض عين على كل مصري، لنعرف تحديدا ما الذي ينتظر المصريين بفضل خيانات السيسي التي تحدث وتتم برضا وموافقة وحماية ومباركة ودعم الجيش المصري.

جريمة الوراق الأخيرة، هي مجرد ناقوس خطر، أو قمة جبل الجليد كما حذرنا في يوم 21 يونيو 2022، وهو اليوم التالي لمجموعة جرائم بدأت بذبح طالبة أمام جامعة المنصور، وانتهت بانتحار شاب من فوق برج القاهرة (أكثر من 13 جريمة حصلت يوم 21 يونيو 2022 تحدثنا عنها في وقتها).. حذرنا من أن القادم في مصر أشد سوادا وكارثية، ولعل السبب الوحيد في تأخر ظهور جبل الجليد (وهو نفس سبب عدم اندلاع ثورات في مصر حتى الآن) هو الطبيعة المسالمة لدرجة الوداعة في الشعب المصري، وكراهيته للعنف والدم والموت، لكن لكل شيء حدود.

اذكر انه في كتاب عقيدة الصدمة، رصدت الكاتبة انه في كوريا الجنوبية بعدما سيطر صبيان شيكاغو وتلامذة فريدمان على مقاليد الاقتصاد، ارتفع معدل الجرائم الأسرية (انتحار أسري + انتحار اباء وامهات بعد قتل ابنائهم) بصورة مرعبة.

إليكم هذه الفقرة من كتاب عقيدة الصدمة.. الذي ننصحكم بالإسراع بقرائته، لتعرفوا إلى أين تتجه مصر وما هو المصير الذي ينتظرنا:

«اضطرت الحكومات الآسيوية إلى إفراغ مصارفها الاحتياطية بغية دعم عملاتها، محوّلةً بالتالي المخاوف الأوّليّة إلى حقيقة: بدأت الآن فقط تلك البلدان تفلس. ازداد الذعر في السوق فاختفى ٦٠٠ مليار دولار من سوق الأوراق المالية الآسيوية في غضون سنة واحدة - علماً بأن جمع تلك الثروة تطلب عقوداً عدة.

تسببت هذه الأزمة في اتخاذ إجراءات يائسة. ففي إندونيسيا مثلاً، اندفع الشعب الذي غرق في الفقر إلى المتاجر واقتحمها وأخذ كل ما وصلت إليه يداه. وفي أحد الحوادث الرهيبة في جاكارتا، نشب حريق في أحد المراكز التجارية بينما كان يتعرّض للنهب وحُرق فيه مئات الأشخاص أحياء.

أما في كوريا الجنوبية، فقد أطلقت المحطات التلفزيونية حملة دعائية واسعة تطلب من المواطنين التبرع بمجوهراتهم المصنوعة من الذهب لتُذوَّب وتُستعمل من أجل تسديد دين الدولة. وفي غضون أسابيع قليلة فقط، سلّم ٣ ملايين شخصاً عقوداً وحلقاً وأوسمة وجوائز مصنوعة من الذهب. وتبرعت امرأة على الأقل بخاتم زواجها، وكردينال واحد بصليبه الذهبي. كما نظمت المحطات التلفزيونية برامج ألعاب تهدف إلى التبرع بالذهب. لكن حتى مع مئتي طن من الذهب، كان يفترض بها أن تكون كافيةً لتخفيض الأسعار عالمياً، استمرت عملة كوريا بالتدهور.

أدت هذه الأزمة إلى موجة من الانتحارات تماماً كما حصل خلال الكساد الكبير. فقد رأت العائلات مدخراتها تتبخر، واضطر عشرات الآلاف من الشركات الصغيرة إلى الإقفال. ارتفعت معدلات الانتحار في كوريا الجنوبية بنسبة ٥٠٪ العام ۱۹۹۸. وظهرت هذه الموجة في أوجها لدى فئة الأشخاص الذين تعدوا عمر الستّين والذين أرادوا أن يخفّفوا العبء الاقتصادي عن أولادهم. وتحدثت الصحافة الكورية أيضاً عن زيادة خطيرة في مواثيق الانتحار العائلية التي كان يقوم فيها الأب بجرّ عائلته المدينة إلى مشانق جماعية. وقد أعلنت السلطات وقتها أنّ موت الأب فقط يُحسب انتحاراً. أما موت بقية أفراد العائلة فيُعَدّ جريمة قتل. لذا، فإن عدد حالات الانتحار الفعلية هو أكثر بكثير من الأرقام الواردة في الإحصاءات المنشورة.» 

انتهى الاقتباس من الكتاب، لكن بدأ الاقتباس من تجارب الدول التي رصدها، فهل يفيق المصريون أم لا مفر من تجرع مرارة النتائج كاملة؟!


زقاق النت

زقاق النت

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.