أحدث الموضوعات
recent

العرب والحرب الصليبية الجديدة.. آن أوان استرداد الشعوب لدولها


عبدالرحمن كمال

إنها الحرب الصليبية في نسختها الحديثة. هكذا يجب أن نفهم ما يجري في فلسطين المحتلة، وهكذا يجب أن ندرك حقيقة ما يجري من قتل لأهلنا في غزة.

أرسلت الولايات المتحدة حاملتا طائرات، و٢٠٠٠ جندي تحت تصرف العدو الصهيوني، بالإضافة إلى تسخير كل إمكانياتها الاستخباراتية والعسكرية والسياسية والاقتصادية لخدمة العدو.. وكذلك فعلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

إنها حرب صليبية 

تماما مثل ما حدث في ١٩٦٧ وفي ١٩٧٣.. الحرب على غزة تقودها الولايات المتحدة وليست إسرائيل.. الكيان أضعف من أن يقود حربا مثل هذه، كما أنه لا يزال أسير صدمة طوفان الأقصى وخسائرها، لهذا يحضر القادة العسكريين الأمريكيين إلى إسرائيل ويتابعون عن كثب أولا بأول مجريات الحرب، وكل المجازر المرتكبة تمت بتخطيط وتنفيذ أمريكي، بما فيها مجزرة المستشفى المعمداني.

نعم، الولايات المتحدة هي المجرم الحقيقي في مجزرة المستشفى المعمداني. صحيفة وول ستريت الأمريكية قالت إن القنبلة التي ألقيت على مستشفى المعمداني من نوع MK-84 الأمريكية.

هذه الجريمة التي نفذتها أمريكا، سبقها تمهيد وإعداد إعلامي وسياسي، تمثل في تصريح البنتاجون بأن المقاومة الفلسطينية وحركة حماس تنشر قواتها داخل المستشفيات.

مؤسسة BBC البريطانية هي الأخرى كانت شريكة في الجريمة، وفي تلك الحرب الصليبية. 

رددت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قبل مجزرة المستشفى المعمداني بيوم ادعاء الجيش الإسرائيلي بأن حماس قامت ببناء أنفاق تحت المستشفيات الفلسطينية، مما يلمح إلى أنها لا تستحق الحماية. قصفت إسرائيل في اليوم التالي مستشفى الكنيسة الأسقفية (الانجليكانية) (المستشفى الأهلي العربي) في غزة مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 مدني.  أيدي بي بي سي ملطخة بالدماء.

الخيانة العربية لفلسطين وغزة

على الجانب الآخر، مصر والدول العربية، منذ ١٣ يوما تتسول عطفا وتضامنا دوليا لا يغني ولا يسمن من جوع، وكل ما فعلوه مجرد إرسال شاحنات مساعدات فشلوا حتى اللحظة في إيصالها لأهل غزة، مع العديد من المَكْـلمات، تارة في الهواتف، وثانية في اللقاءات، وثالثة في المؤتمرات والمجالس.. وكلها مجرد "طق حنك" مَكلمات تنعق بما لا تَسْمَعُ.

في كل لحظة، تبيد إسرائيل عائلات فلسطينية كاملة، إبادة تامة وممنهجة ومخطط لها، بينما يكتفي العرب بالعويل والتنديد، شعوبا وحكومات. 

الكل تآمر على غزة وفلسطين.. القريب قبل الغريب، فلا تلوموا الغرب الذي يدافع عن قاعدته الاستعمارية المتقدمة، بينما جيوش وعروش العرب كلها معادية تماما لفلسطين.

لم تفكر جيوش وعروش العرب في طرد سفراء الحرب الصليبية الحاصلة الآن، بل يستقبلون وزراءهم وقادتهم ولا يزالون يفاوضونهم على جثا.مين أطفال غزة.

لم يفكروا مثلا في تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك التي وقعتها جامعة ايدن العربية قبل ٧٣ عاما. (في 2020، معهد بيجن السادات الصهيوني -وصفا للمعهد وللسادات أيضا- دعا إلى إغلاق جامعة إيدن، أو جامعة الدول العربية. لماذا لم يستمع حكام العرب لنصيحة أولياء نعمتهم؟!)

لم يخطر ببالهم مطلقا أن يستخدموا ما لديهم من موارد وإمكانيات قادرة على وقف الحرب.. لأنهم ببساطة لا سيادة لهم على تلك الموارد، سواء قناة السويس أو حقول النفط والغاز.

آن أوان الثورة على العروش والجيوش العربية

إذن، فهي الحرب الصليبية كما ذكرت.

وبالتالي، أي تعامل مع أمريكا ورئيسها ووزراءها هو نفس الخيانة التي ارتكبها السادات مع كسينجر في ١٩٧٣. كل من يلتقيهم خائن، كل من يهاتفهم متآمر، كل من ينتظر منهم خيرا متواطئ.

لو أن الدول العربية مستقلة فعلا، وجيوشها وعروشها وطنيون لا خونة، فعليهم طرد السفير الأمريكي قبل الإسرائيلي، وكل سفراء الدول الأوربية الداعمة لإسرائيل.. لكنهم بالطبع ليسوا وطنيين.. سواء الجيوش أو العروش.

إن زوال إسرائيل يجب أن يسبقه زوال هذه الجيوش وتلك العروش.. على الشعوب العربية أن تتحرر أولا، قبل أن تطالب بتحرير فلسطين، فلا يجرؤ عربي واحد على الاقتراب من حدود فلسطين المحتلة، لأن أول من سيتصدى له، ولن يتردد في قتله هو الجندي العربي.

متى تستلهم الشعوب العربية من وعي وإصرار المقاومة، وتحذو حذوها في الثورة على حكوماتها، تماما كما فعلت وتفعل المقاومة مع المحتل.. آن الأوان كي تعود الدول العربية للشعوب.

زقاق النت

زقاق النت

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.