الله يخرب بيت الدولة العميقة اللى طلعت أعمق مما نتصور.
كنت فاكر إنها قاصرة على المجلس العسكرى والبيروقراطية والقضاء والإعلام، لكن اتضح أنها ضاربة الجذور كثيرة النسور منتشرة الفروع مثل ام 44.
دولة النظام البائد كنا نراها دولة أمنية بوليسية قائمة على جهاز سرطانى اسمه امن الدولة، لكن اتضح أن النظام حول الوضع الاستبدادى من دولة نظام إلى نظام دولة، نظام دولة اعتاد على القمع وقصف الأقلام وكبح الأصوات، نظام دولة لا يروقه أبداً أولئك المغردون خارج السرب، نظام دولة أحادى الرأى والكلمة كلما دعوتهم لترشدهم جعلوا أصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً.
هذه الأنظمة المستبدة لا تستطيع عيونها أن ترى إلا هؤلاء "المتمجدين" ، والمتمجِّدون - كما وصفهم الكواكبي - يريدون أن يخدعوا العامة، وما يخدعون غير نسائهم اللاتي يتفحفحن بين عجائز الحي بأنهم كبار العقول؛ كبار النفوس؛ أحرار في شؤونهم لا يُزاح لهم نقاب، ولا تُصفع منهم رقاب، فيحوجهم هذا المظهر الكاذب لتحمُّل الإساءات والإهانات التي تقع عليهم من قِبَل المستبدّ، بل تحوجهم للحرص على كتمها، بل على إظهار عكسها، بل على مقاومة من يدّعي خلافها، بل على تغليط أفكار النّاس في حقِّ المستبدِّ وإبعادهم عن اعتقاد أنَّ من شأنه الظلم.
ونحن وان كنا قد تخلصنا من مبارك وطنطاوي وعنان، لكننا لم نتخلص بعد من طبائع الاستبداد التى زرعوها في كل أجهزة الدولة، لهذا فلا عجب مثلاً أن نجد جهاز المخابرات يسير على النهج المباركي في اتخاذ المتمجّدين سماسرة لتغرير الأمة باسم خدمة الدين، أو حبّ الوطن، أو توسيع المملكة، أو تحصيل منافع عامة، أو مسؤولية الدولة، أو الدفاع عن الاستقلال، والحقيقة أنَّ كلّ هذه الدواعي الفخيمة العنوان في الأسماع والأذهان ما هي إلا تخييل وإيهام يقصد بها رجال مبارك تهييج الأمة وتضليلها، حتى إنَّه لا يُستثنى منها الدّفاع عن الاستقلال.
خلاصة القول.. إن ما حدث مع جريدة الشعب من مصادرة أعدادها لمطالبتها بضرورة تغيير سياسة جهاز المخابرات، لهو أكبر دليل على صدق وأهمية ما طالبت به، فقد ذهبت الجريدة لتقصي المخابرات بعيدا عن دهاليز السياسة، فأقصتها المخابرات بعيداً عن أرصفة الباعة وأيدى قرائها.
جريدتى الغراء التي يشرفنى انتمائي إليكي.. يوماً بعد يوم يزداد تعلقي بكي ويكثر ما تعلمته فيكي، وحتى لو حدث وتركت مكانى بكِ لأي سبب كان، فلن أنكر أن رجالك هم أول من خط بالقلم في تشكيل وعييّ وثقافتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق