بمزيد من الأسى
والحسرة، اغتمت الأمة لمصابها الأليم، وانفطر قلبها الكليم، حزن شبابها حزنا
رهيبا، وتأسف شيوخها أسفا مريبا، وبكت قنواتها بكاء مريرا، وانتحب اعلامها نحيبا غريبا.
كانت الحادثة مفجعة،
والفجيعة مفزعة، والفزع كبيرا، و على قدر أهل العزم تأتي العزائم.
الفجيعة رغم أنها لا
تخص الشان المصرى الداخلى، إلا انها لامست قلوب أمتنا، وحركت شغاف فؤادهم، وشغلت
لب عقولهم، وانبروا يحللون سبب الفاجعة.
"كيف تخسر
البرازيل منظمة المونديال بهذه النتيجة المهينة من الماكينات الألمانية؟ وهل كان
نيمار مؤثرا إلى هذا الحد؟ وهل البرازيل من تلك الفرق التى تتأثر بغياب صانع
ألعابها؟ وما سر التفوق الألمانى الكاسح؟ وهل ستواصل ألمانيا بهذا التفوق فى
مباراة النهائى؟ ومن يتحمل النتيجة؟ سكولارى أم اللاعيبة؟ وهل سيكون لهذه الفصيحة
الكروية آثار سيئة على الاقتصاد؟"
كل هذا وأكثر سمعناه
ورأيناه وقرأناه، سمعناه فى محطات المترو والميكروباصات –بشكل أكثر من الاهتمام
بأزمة البنزين- ورأيناه على قنوات الإعلام العربى التى أفردت وقتها لتحلل وتفسر
وتدافع وتبرر، وقرأناه على صفحات الجرائد والصحف والمواقع التى تبارت وتنافست فى
تقديم أكبر كمية ممكنة من التحليلات والفيديوهات والصور علها تتوصل لسر الكارثة"
فى هذه الأوقات، كانت
أصوات آهات مباراة البرازيل وألمانيا أشد وقعا وأعلى صوتا من أصوات مدافع العدو
الصهيونى التى تضرب غزة "الإرهابية"، تغلبت أصوات جمهور البرازيل ومحبيها
على أنات الأمهات والأطفال من أبناء قطاع قدر الله له أن يكون مجاورا لبلد يحكمها
لصوص، وأن يكون جزءا من أمة يقودها قوادين.
بعض المواقع والصحف
والقنوات نشرت على استحياء أخبار الحرب على غزة، بعض هذا البعض ليته ما فعل، فهاهى
"CBC" المملوكة للفاسد المفسد محمد الأمين تقول أن إسرائيل تمكنت
من قصف 12 هدفا إرهابيا فى غزة.. سكتت دهرا ونطقت كفرا.
انهزمت البرازيل من
ألمانيا شر هزيمة، لكنها انتصرت على غزة دون مجهود يذكر، علا صوت بكاء أهالى ريودى
جانيرو وساوباولو وبرازيليا، وسمعناه جليا واضحا، لكننا لم نسترق السمع لنعرف ما
يحدث لأخوتنا فى غزة العزة والشرف، فانطبق علينا قول الشاعر السورى الكبير عمر أبو
ريشة:
رب واامعتصماه انطلقت
*** من أفواه البنات اليتم
لامست أفواههم لكنها
*** لم تلامس نخوة المعتصم
لا أمتلك أنا أو غيرى
أن أطالب شباب أمتى بألا يستمعوا ويستمتعوا بمونديال البرازيل، فضياع النخوة وهدر
الكرامة وإدمان البلادة كل أولئك كانت كامب ديفيد عنه مسئولا، كل ذلك ما هو إلا
عرض لمرض، ولايلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي
عدوَّ الغنم.
لقد قتلت كامب ديفيد
فينا من ضمن ما قتلت، النخوة والدم الحامى، وبدلت عقيدتنا القائمة على "مثل
المسلمون فى توادهم وتراحمهم" لتصبح "مصر أم الدنيا وهاتبقى قد
الدنيا"
لا عجب أن يهتم شباب
الأمة بفضيحة البرازيل متناسين فضيحتهم الكبرى، فالقضية نفسها أضحت تهمة، ومن كنا
نعول عليه ليقف أمام العدو الصهيونى، صار قوادا جعل من مصر الكنانة عاهرة على فراش
إسرائيل.
نعم.. ضمن الجيش المصرى
–أو بالأحرى قواديه وليسوا قادته- ضمنوا للصهاينة ألا تزعجهم مصر بموقف مماثل لما فعله "العميل" محمد مرسى المتخابر
مع حماس، بل إن مصر السيسى ومن خلفه جيش القوادين، لم يحذو حذو كنز الصهاينة
الاسترايجى، لم نر أى من قوادين الجيش أو لصوص مصر الجدد، لم يخرج أحدهم بشجب أو
استنكار أو تنديد أو شيء من الأشياء التى اعتادها نظام العميل الصهيونى مبارك والتى
كان يفعلها ذرا للرماد.
الكلام السابق ليس
تحليل لموقف، أو اتهام لطرف، أو تخمين لسبب، بل هو واقع فعلى، وكفى أن نشير إلى ما
أعلنته وسائل الاعلام الصهيونية، عن زيارة الفاسد الكبير مدير المخابرات المصرية
إلى تل أبيب للتنسيق مع أصدقائه لإحكام القبضة على حماس، كما نشير إلى ما ذكره المحلل وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية"
دانى روبنشتاين"، بأن هناك اتفاقا وتفاهما بين إسرائيل والحكومة العسكرية المصرية
بشأن ضرب حركة حماس الفلسطينية وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة، حيث وأوضح روبنشتاين فى
مداخلة هاتفية على قناة الجزيرة أن ضرب حركة حماس فى غزة هو من مصلحة مصر وإسرائيل
متهما حكومة حماس "بالإرهابية".
واقع الأمر أن أحداث
غزة أثبت أمورا عدة منها:
1/ بين الدعم الدولى والتواطؤ
العربى والتآمر المصرى، اخذ نتنياهو الضوء الاخضر للحرب على غزة، لكنه لا يعلم ان غزة
ورجالها اشاوس ليسوا نعاجا كقادة جيش كامب ديفيد، والتقدم الذى وصلت إليه كل من سرايا
القدس والقسام خير دليل على الورطة الصهيونية فى مستنقع جديد.
2/ لو ادرك نتنياهو ان فى
القاهرة نظاما يتعاطف فقط- مجرد تعاطف دون ان يساند فلسطين- لما اقدم على الاجرام
وقصف غزة. لو ادرك ان فى القاهرة نظام سيرد بكل قوة كما فعل محمد مرسى لما اجرم كل
هذا الاجرام.
3/ أحداث غزة دليل جديد
على ان الاسلاميين فقط هم القادرين على تحرير الدول العربية من الاحتلال والتبعية،
وكما سيذكر التاريخ ان اسلاميين مصر حفظوا لمصر حريتها وهويتها، سيذكر -بل هو محفور
فى التاريخ بالفعل- ان الاسلاميين هم من يقود حرب تحرير فلسطين.
4/ رغم موقفنا المعادى
لايران بسبب دعمها ديكتاتورية السيسى وطائفية المالكى ودموية بشار، لكن ينبغى
الإشارة إلى أن ايران تسلح غزة وصواريخها الان تمطر تل ابيب و تدافع عن اهل غزة، ايران
تدفع مرتبات اهل غزة طيلة 30 سنة، ايران تحاصرها الدنيا لانها تدعم اهل غزة، حزب الله
يدرب عناصر المقاومة الفلسطينية، 100 عنصر من حزب الله اسشهدوا وترملت نساءهم و تيتم
اطفالهم سنة 2008 وهم يوصلون السلاح لغزة، فى حين أن بعض أشاوس الدول السنية يشتمون
غزة.
5/ كل ماحدث ويحدث يؤكد
قولى بأن مصر لن تتقدم، ولن تنتصر ثورتها إلا فى حالة واحدة فقط، وهى انهيار الجيش
المصرى، فالصراع بين الثورة المصرية والجيش صراع بقاء، صراع وجود، انتصار الثورة
يعنى بالضرورة انهزام الجيش، الاستقلال من تبعية الحلف الصهيونى الأمريكى مرهون
بإقصاء الجيش من اللعبة السياسية وتقليم أظافر قواديه وتحجيم بطونهم ومصالحهم
الاقتصادية.
6/ كل ما يحدث سببه كامب ديفيد وكلابها الذين
يحكمون مصر منذ حوالى 40 عاما، كامب ديفيد المعاهدة التى كسرت مشروع الاسقلال فى
مصر، وغيرت عقيدة الجيش المصرى، وحولته إلى مجرد قوادين مرتزقة همهم الأول والأخير
مص دم الشعب، وصرف عقول المجندين الغلابة عن فكرة مطلقة وعقيدة راسخة تقول أن
سلاحك لا يرفع إلا ناحية الشرق-فى إشارة الى العدو الصهيونى- فغيرت المعاهدة
برعاية صبيانها، تلك العقيدة إلى حقظ الأمن القومى لمصر، وضع 100 خطا تحت عبارة الأمن القومى، فصار كل
من يحمل أفكارا او مشروعا معاديا لما تضمنته كامب ديفيد وعلى رأس ما تضمنته
التبعية المطلقة وحماية الأمن الصهيونى ورعاية مصالح أمريكا، هو بالضرورة عدوا للأمن الصومى المصرى!
7/ غزة كالعادة تسطر
تاريخا مشرفا، وتمحو بعضا من العار الذى ألصقناه بأمتنا، غزة هى النقطة الوحيدة
المضيئة فى خضم بحر من الفساد والبعية المظلمة المطلقة للحلف الصهيونى المريكى،
غزة بفضائلها المقاومة ورجالها أمثال الحمساويين والجهاديين، احفاد الشقاقى وأحمد
ياسين والرنتيسى، أثبتت للعالم بأسره أن الأمة ليست كلها المالكى قاتل العراق، أو
بشار سفاح سوريا، أو عبدالموساد السيسى الصهيونى الذى يحكم مصر، او خليفة قواد البحرين،
او عبدالله خرفان السعودية، أو محمد السادس شاذ المغرب، أو بوتفليقة مشلول الجزائر،
أو أولاد زايد صهياينة الامارات، أو صباح
الأحمد مسطول الكويت، او عبدالله نطع الاردن، أو عباس أبو مازن عميل فلسطين، أو
تميم عيل قطر، او هادى مجرم اليمن، او ولد عبدالعزيز مخبول موريتانيا، أو قابوس مُروض سلطنة عمان.
عبدالرحمن كمال
Yonis_614@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق