أعلن المفاوضون الدوليون المجتمعون في النمسا أخيرًا الشروط النهائية للاتفاق النووي الإيراني. الهدف من الاتفاق هو وضع حد للبرنامج النووي الإيراني وجعله صغيرًا، آمنًا وسلميًا، مع فرض الكثير من عمليات التفتيش عليه للتأكد من أن إيران تلتزم بالصفقة. في المقابل، يتم رفع بعض العقوبات الاقتصادية عن إيران، مما سيفيد اقتصادها التي كانت العقوبات قد أضعفته كثيرًا. الجانبان، يحاولان كما يعتقد البعض، أن يتجنبا حربًا محتملة.
يمكنك أن ترى حقًا أهمية الصفقة وماذا تعني عندما تطّلع على تفاصيلها. لكن هذه التفاصيل قد تكون فنية وتقنية بشكل يصعب فهمه، لذلك نعرض فيما يلي أهم بنود الصفقة، متبوعةً بشرح مبسط لكل بند بلغة سهلة وموجزة، ثم بتوضيح لأهمية البند في الصفقة.
أجهزة الطرد المركزي
البند: يُسمح لإيران أن تمتلك 6000 جهاز طرد مركزي، تستطيع لتخصيب اليورانيوم في 5060 منها في منشأة نظنز، الـ 1000 الباقية تكون في منشأة فوردو، ويمكن استخدامها في الأبحاث النووية غير الانشطارية. يمكن لإيران أن تستخدم فقط الجيل الأول من أجهزة 1R-1 للطرد المركزي، وعليها أن تتخلى عن الأنواع الأخرى؛ لكن بعد عدة سنوات، يسمح لإيران باستخدام أجهزة أكثر تطورًا.
بلغة بسيطة: أجهزة الطرد المركزي هي معدات تستخدم في تخصيب اليورانيوم، أي تحويله من مادة طبيعية خام إلى وقود نووي. إذا تم تخصيب اليورانيوم لمدة كافية في أجهزة الطرد المركزي، يمكن استخدامه في صناعة القنابل النووية. إيران لديها الآن حوالي 20000 جهاز للطرد المركزي، لذلك سيكون عليها أن تتخلى عن معظم الأجهزة، كما سيتم السماح لها بأن تستخدم فقط الجيل الأول والقديم جدًا من معداتها للطرد المركزي.
ما أهمية هذا؟ يعني هذا أن إيران سيكون لديها برنامج نووي أصغر كثيرًا من حيث قدرته على إنشاء وقود نووي أو ربما المكونات المطلوبة لصناعة قنبلة. كما أنها ستبقى مقيدة باستخدام معداتها الأقدم والأبطأ والأقل كفاءة لسنوات عدة. سيفقد إذًا برنامج إيران النووي الكثير من إمكانياته، وإذا قررت إيران أن تخرق الصفقة لتصنع قنبلة نووية، سيستغرق الأمر منها وقتًا أطول بكثير.
تخصيب اليورانيوم
البند: يُسمح لإيران أن تخصب اليورانيوم بنسبة 3.67% فقط.
بلغة بسيطة: ستتمكن إيران من تحويل اليورانيوم الخام إلى نوع الوقود الذي يمكن استخدامه في محطات الطاقة النووية، لكن لا شيء أكثر.
ما أهمية هذا؟ سيكون بإمكان إيران أن تمتلك الوقود النووي، وأن تصنع الوقود النووي، لكنها ستكون مضطرة للتوقف عند هذا الحد، وستبقى بعيدة جدًا عن تملك أو صنع أي شيء يمكنه أن يؤدي إلى قنبلة نووية (تحتاج القنبلة النووية إلى تخصيب نسبته حوالي 90%).
مخزون اليورانيوم
البند: تتخلص إيران من جلّ مخزونها من اليورانيوم المخصب، لتقلّله من 10000 كيلوجرام إلى نحو 300 كيلوجرام فقط.
بلغة بسيطة: على إيران أن تتخلى عن 97% من مخزونها النووي.
ما أهمية هذا؟ ستمتلك إيران مواد نووية أقل بكثير، مما يعني أنها إذا قررت في أي وقت خرق الاتفاق وصناعة قنبلة نووية، ستكون قدراتها محدودة جدًا في هذا الشأن. النتيجة هي أن الوقت الذي ستحتاجه إيران لوضع كميات كافية من من اليورانيوم معًا لصنع قنبلة نووية واحدة يصبح عامًا كاملًا بدلًا من شهرين أو ثلاثة. هذا جيد لأنه وقت أكثر من كافٍ للعالم لكي يوقف إيران – ولو بالقوة إن لزم الأمر – قبل تحصلها على القنبلة.
رفع العقوبات
البند: يتعين على إيران الإيفاء بالتزاماتها الأولية بحلول منتصف أكتوبر، تتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التزام إيران بحلول منتصف ديسمبر. بمجرد أن يتم التأكد من وفاء إيران بالتزاماتها، تبدأ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإزالة العقوبات المتعلقة بالطاقة النووية على إيران.
بلغة بسيطة: أولًا هناك عملية للتأكد من أن إيران ستلتزم بالفعل بكل ما تنص عليه الصفقة، وهذا سيستغرق عدة أشهر، لكن بعد هذا يبدأ رفع العقوبات سريعًا. غالبًا سيشعر الاقتصاد الإيراني بالفرق مع بدايات عام 2016.
ما أهمية هذا؟ تخفيف العقوبات مسألة بالغة الأهمية لإيران. وهي مكافأتها في مقابل التنازل عن جزء كبير من برنامجها النووي والخضوع لعمليات التفتيش، إذا تمت عمليات التأكد من التزامهم بنجاح، فإنها سترى نتائج سريعة.
إعادة العقوبات
البند: إذا شك أحد الأطراف بأن إيران تنتهك الاتفاق، فإن بإمكانه أن يتقدم بشكوى إلى لجنة من ثمانية أعضاء (مكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين وإيران نفسها والاتحاد الأوروبي) للمراجعة. يكون أمام اللجنة 35 يومًا على الأقل لحل الشكوى، ولكن قراراتها ليست ملزمة. إذا لم يعجب قرار اللجنة الطرف المتقدم بالشكوى، فإنه يستطيع أن يطلب من مجلس الأمن بالأمم المتحدة التصويت على عملية رفع العقوبات، إذا فشل التصويت، أو إذا نقضته الولايات المتحدة، فإن العقوبات تعود إلى مكانها.
بلغة بسيطة: إذا كان ثمة من يعتقد أن إيران تنتهك الصفقة، فإنه يستطيع إرسال شكوكه لمجلس الأمن بالأمم المتحدة. سوف تعود العقوبات ما لم تصوت الأغلبية على رفعها ولم تستخدم أي من الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن بما فيها الولايات المتحدة حق الفيتو. إذا ظنت الولايات المتحدة أو أغلبية الدول الأعضاء أن إيران تحتال بشكل ما، فإن العقوبات – على الأقل من الناحية النظرية – ستعود من جديد.
ما أهمية هذا؟ الفكرة هنا أن يكون سهلًا جدًا بالنسبة للولايات المتحدة أن تعيد العقوبات على إيران إذا ظنت أنها تنتهك الاتفاقيات، وأن يصبح من الصعب جدًا على روسيا والصين أن تحميا إيران من عودة العقوبات. الأمر كله ألا تفكر إيران بأن تغامر بالاحتيال، لأن من السهل على الولايات المتحدة حينها أن تهدد بإعادة العقوبات.
المنشآت النووية
البند: يتم السماح لإيران باستخدام منشآتها النووية في نطنز لتخصيب اليورانيوم. كما يمكنها استخدام منشآتها في فوردو لإجراء الأبحاث في مختبرات الفيزياء النووية، لكن لا يسمح بتواجد أي مواد انشطارية هناك.
بلغة سهلة: تستطيع إيران الاستمرار في استخدام منشآتها النووية التي كانت سرية جدًا يومًا ما، تلك المنشآت المصنوعة من جدران ثقيلة لحمايتها من الهجمات. المنشأة في نطنز يمكنها الاستمرار في صناعة الوقود النووي، أما المنشأة في فوردو فيبدو أنها سيكون مسموح فيها فقط بأبحاث نووية على نطاق محدود.
ما أهمية هذا؟ إيران أرادت بشدة المحافظة على مرافقها هذه، كان الأمر بالنسبة لها مسألة كرامة وطنية. سيكون للمفتشين الدوليين القدرة على تفتيش تلك المنشآت، لذلك لن تعمل حقًا كمنشآت نووية سرية بعد الآن؛ كما أن الأمور التي ستستطيع إيران القيام بها في تلك المنشآت محدودة للغاية، ما يحقق مصلحة الجميع.
مصنع البولوتونيوم في أراك
البند: يتعين على إيران أن تعيد بناء مصنع البولوتونيم في أراك بحيث يستعمل فقط في صناعة البولوتونيوم المخصص لمجال الطاقة. إنها ممنوعة من استخدام مفاعلات تعمل بالماء الثقيل.
بلغة بسيطة: إيران قامت ببناء منشأة في أراك لصناعة وتخزين بلوتونيوم قد يمكن استخدامه في تطوير أسلحة، على إيران الآن أن تعيد توظيف منشأتها لصناعة الوقود النووي فقط.
ما أهمية هذا؟ تطوير القنابل النووية ممكن بنوعين من الوقود: اليورانيوم أو البولوتونيوم. الأجزاء الأخرى من الصفقة تحدّ ما يمكن لإيران أن تفعله باستخدام اليورانيوم، هذا الجزء يخرج البولوتونيوم أيضًا من المعادلة ويسمح فقط باستخدامه كوقود لمحطات الطاقة.
عمليات التفتيش
البند: مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية يسمح لهم بالدخول إلى جميع المواقع النووية الإيرانية ومناجم اليورانيوم والمطاحن ومصانع الطرد المركزي وخطوط الإمداد. تراقب الوكالة التقنيات ذات الاستخدام المزدوج. كما يمكنها تفتيش أي موقع تشتبه فيه. الأمر الهام هنا أن بعض المواقع عسكرية، لهذا يُسمح لإيران أن تقرر كيف للمفتشين أن يقوموا بتحرياتهم في تلك الأماكن.
بلغة بسيطة: المفتشون سوف يفحصون بانتظام جميع الأماكن المعروف فيها استخدام إيران لأي نشاط نووي. لكنها أيضًا تستطيع تفتيش أي مكان يستجد الشك فيه، مع الإبقاء على درجة من السيادة لإيران على المواقع العسكرية، لكن في نهاية المطاف عليها أن تسمح للمفتشين أن يفتشوا تلك المواقع بطريقة ما.
ما أهمية هذا؟ من خلال اكتساب حق تفتيش ليس فقط جميع المواقع النووية، ولكن أيضًا المنشآت ذات الدور الثانوي مثل طواحين اليورانيوم ومحطات الطرد المركزي، سيكون وضع الوكالة جيدًا حقًا في التأكد من أن إيران لا تنتهك الصفقة أو تحاول تهريب مواد نووية لبرنامج تسليح سري. إذا حاولت إيران الاحتيال، سيكون من المحتمل جدًا للعالم أن يكتشف هذا، وبسرعة أعلى كثيرًا. في حين أن بعض المرافق لا يستطيع المفتشون اقتحامها وقت ما يشاؤون، فإن هذا أكثر ما يمكن أن نأمل الحصول عليه دون أن نغزو ونحتل إيران، وسوف يكون المفتشون قادرين على كشف النشاط النووي الزائد حتى في تلك المواقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق