من الأسئلة التي تتردد كثيرا على ألسنة الشعب المصري، سؤال حول سبب ارتفاع أسعار السمك في مصر، رغم ان مصر دولة تطل على البحرين الأحمر والمتوسط وبها أطول أنهار العالم، بالإضافة إلى بحيرة ناصر أكبر بحيرة صناعية في العالم، ناهيك عن عدد كبير من البحيرات العذبة والمالحة مثل (مريوط – إدكو - البرلس – المنزلة – البردويل) التي يبلغ إنتاجها من الأسماك أكثر من 75 % من إجمالي الإنتاج في مصر، بالإضافة بالطبع إلى المزارع السمكية.
ورغم كل هذه الموارد، فإن أسعار السمك في مصر في ارتفاع مستمر، رغم ان المنطق يقول إنه وفقا لكل هذه الموارد المائية، فمن المفترض أن يكون السمك أرخص من رغيف العيش بل ويحل محله أيضا، لكن الواقع مخالف تماما لهذا المنطق.
سعر السمك اليوم
تسجل أسعار السمك في مصر ارتفاعا ملحوظا وكبيرا، فمثلا سعر كيلو المكرونة السويسي يتراوح خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، بين 40 و50 جنيهًا، في حين يصل سعر الكابوريا ما بين 30 و 120 جنيهًا، كما يتراوح سعر كيلو الجمبري بين 275 و 320 جنيهًا، بحسب بيانات الموقع الرسمي لسوق العبور.
أما السمك البلطي، السمك الأكثر انتشارا وشعبية، فإن سعر الكيلو منه يتراوح بين 23.5 و25 جنيهًا، بينما يتراوح سعر كيلو الفليه البلطي بين 30 و 70 جنيهًا، في حين سجل كيلو السمك البوري سعرا بين 37 و 43 جنيهًا. وسعر كيلو السبيط والكاليماري يتراوح بين 90 و160 جنيهًا.
لماذا لا نأكل السمك؟
نعود للسؤال: لماذا السمك ليس وجبتنا الاساسية ونحن بلد لديه ما يزيد على 3000كم طول علي سواحل بحار كبري وبحيرات مالحة وعذبة، وتزداد مساحات المصايد السمكية في مصر على 13 مليون فدان، وبما يعادل قرابة 150% من الأرض الزراعية في مصر؟
الإجابة في منتهى البساطة، تعود إلى أن نمط إنتاج السمك في مصر رأسمالي ولا يمكن الوصول إليه في الغالب إلا عن طريق شركات تبرد وتوزع وتصدر، وتجار يمتصون أغلب القيمة، السمك لم يصبح غذاء رخيصا على مائدة الفقراء، رغم مسحات المصايد السمكية الشاسعة في مصر، وذلك لأن السمك صار سلعة رأسمالية، وبات معروفا للجميع أن الرأسمالية تعتنق استغلال الشعوب، ومص دمائها، ونهب ثرواتها، من قبل القائمين على الأنظمة البالية التي نصبتها امريكا وأجبرتها على اعتناق الدين الرأسمالي.
والملاحظ أن كل الدول المتخلفة التي تأخذ بطريق السوق الرأسمالي لديها ذات الأزمة، مثلا، السودان به مئات ملايين الرؤوس من الماشية والضان، واللحم غال جدا وينسحب من موائد الناس سنة بعد سنة.
أسعار السمك في مصر وعجز الفقير عن شراء السمك رغم وجود مصايد سمكية في مصر ذات مساحات شاسعة، يرجع بالأساس إلى ان الرأسمالية تفرض نظاما مستمرا في صنع عذاب مليارات البشر وفي نهبهم بإبقائه ثلث البشرية في مستوى حياة القرون الوسطى الأوروبية، ذلك أن قانون الربح يبقى مليارين من الرجال والأطفال في مستوى العام 1000 ونصفهم لا يعلمون حتى ما إذا كانوا سيأكلون غدا.
النظام المصري ينصاع خلف أوامر الرأسمالية وأداته "صندوق النقد"، ودائما ما يترافق برنامج "التصحيح الاقتصادي الهيكلي" الذي فرضه صندوق النقد الدولي بقروض مرهقة، والحد من النفقات العامة، فعلى الدولة من أجل أن تضع في القطاع التنافسي الخدمات العامة ذات المردود أن تسرح الموظفين وأن تحد من نفقاتها العامة ومن خدمات الصحة والتربية من أجل ظهور مستفيدين جدد يدفعون ثمن هذه الخدمات.
وعلى الدولة أن تتخلى عن كل شكل من أشكال المراقبة المباشرة في الإنتاج الزراعي والصناعي والسمكي، كما في الخدمات التقنية (الاتصالات والتلفزيون والإذاعة).
فتش عن صندوق النقد
ومن أجل تحرير كتلة كافية من منتجات غير مستهلكة بسبب الارتفاع الجديد في أسعارها تصور صندوق النقد الدولي أن يرغم كل بلد خاضع للتصحيح على خفض قيمة عملته ورفع معدلات الفائدة. وبما أن الاستهلاك المحلي يهبط هبوطا سهميا بسبب صعود الأسعار فإنه يحتفظ بمواد ومنتجات عديدة للتصدير إلى البلدان الغنية، وهكذا يمول الفقر سداد الدين، وتنغلق الحلقة مع هذا التدبير الثالث. واليوم فإن هناك ملياري نسمة يعانون من سوء التغذية ومليارا آخر يعانون من المجاعة، وما يقرب من نصف مليار فلاح فقير طردوا من أراضيهم تحت وطأة ديناميكية "السوق الحرة".
إن أي حديث عن مشاكل مصر الاقتصادية، التي منها أن السمك ليس وجبتنا الأساسية رغم كل الموارد المائية في مصر، لا يستقيم إلا إذا ربطنا هذه المشكلات بالمتسبب الرئيس فيها، وأي محاولة لحل هذه الأزمات لا قيمة له إلا بمواجهة منظومة النهب الدولي، وبالتالي السعي نحو الاستقلال السياسي والاقتصادي، وهو ما لم تحاول ثورة يناير بكل تياراتها وشبابها التركيز عليه، بل تعمدت الأحزات والحركات إغفال أهمية الاستقلال الاقتصادي والسياسي لمصر.
والملاحظ أن كل الدول المتخلفة التي تأخذ بطريق السوق الرأسمالي لديها ذات الأزمة، مثلا، السودان به مئات ملايين الرؤوس من الماشية والضان، واللحم غال جدا وينسحب من موائد الناس سنة بعد سنة.
أسعار السمك في مصر وعجز الفقير عن شراء السمك رغم وجود مصايد سمكية في مصر ذات مساحات شاسعة، يرجع بالأساس إلى ان الرأسمالية تفرض نظاما مستمرا في صنع عذاب مليارات البشر وفي نهبهم بإبقائه ثلث البشرية في مستوى حياة القرون الوسطى الأوروبية، ذلك أن قانون الربح يبقى مليارين من الرجال والأطفال في مستوى العام 1000 ونصفهم لا يعلمون حتى ما إذا كانوا سيأكلون غدا.
النظام المصري ينصاع خلف أوامر الرأسمالية وأداته "صندوق النقد"، ودائما ما يترافق برنامج "التصحيح الاقتصادي الهيكلي" الذي فرضه صندوق النقد الدولي بقروض مرهقة، والحد من النفقات العامة، فعلى الدولة من أجل أن تضع في القطاع التنافسي الخدمات العامة ذات المردود أن تسرح الموظفين وأن تحد من نفقاتها العامة ومن خدمات الصحة والتربية من أجل ظهور مستفيدين جدد يدفعون ثمن هذه الخدمات.
وعلى الدولة أن تتخلى عن كل شكل من أشكال المراقبة المباشرة في الإنتاج الزراعي والصناعي والسمكي، كما في الخدمات التقنية (الاتصالات والتلفزيون والإذاعة).
فتش عن صندوق النقد
ومن أجل تحرير كتلة كافية من منتجات غير مستهلكة بسبب الارتفاع الجديد في أسعارها تصور صندوق النقد الدولي أن يرغم كل بلد خاضع للتصحيح على خفض قيمة عملته ورفع معدلات الفائدة. وبما أن الاستهلاك المحلي يهبط هبوطا سهميا بسبب صعود الأسعار فإنه يحتفظ بمواد ومنتجات عديدة للتصدير إلى البلدان الغنية، وهكذا يمول الفقر سداد الدين، وتنغلق الحلقة مع هذا التدبير الثالث. واليوم فإن هناك ملياري نسمة يعانون من سوء التغذية ومليارا آخر يعانون من المجاعة، وما يقرب من نصف مليار فلاح فقير طردوا من أراضيهم تحت وطأة ديناميكية "السوق الحرة".
إن أي حديث عن مشاكل مصر الاقتصادية، التي منها أن السمك ليس وجبتنا الأساسية رغم كل الموارد المائية في مصر، لا يستقيم إلا إذا ربطنا هذه المشكلات بالمتسبب الرئيس فيها، وأي محاولة لحل هذه الأزمات لا قيمة له إلا بمواجهة منظومة النهب الدولي، وبالتالي السعي نحو الاستقلال السياسي والاقتصادي، وهو ما لم تحاول ثورة يناير بكل تياراتها وشبابها التركيز عليه، بل تعمدت الأحزات والحركات إغفال أهمية الاستقلال الاقتصادي والسياسي لمصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق