أردوغان وترمب |
ارتفعت الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 1.6% ليتراجع الدولار إلى 5.7788 ليرة، لتسجل العملة التركية أعلى مستوى خلال شهرين. بدأت مكاسب الليرة منذ أن قررت المحكمة التركية إطلاق سراح القس الأمريكي.
المتتبع لسياسات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان منذ بزوغ نجمه في الساحة السياسية، يخلص إلى نتيجة واحدة مؤكدة، هي أن الرجل من أنجح السياسيين في المنطقة، برجماتي إلى أقصى الحدود، يؤمن جدا بالميكافيلية، ولا يتورع عن الوثب من موقف إلى آخر، طالما ان ذلك سيمكنه من تحقيق أهدافه وسياساته، ولعل الأحداث الأخيرة تؤكد صدق كلامنا، والحديث هنا، مثلا، عن موقفي أزمة القس الأمريكي وأزمة اختفاء جمال خاشقجي.
يفخر اردوغان ومحبيه العرب قبل الترك، بالطفرة الاقتصادية التي شهدتها تركيا على يديه، بالإضافة إلى كونه منتخب بشكل ديموقراطي، وهو ما منح التيار الإسلامي أخيرا فرصة للفخر والتاكيد على انه لو سمح لهم بالحكم، فإنهم سينجحون في قيادة بلدانهم، على نفس طريقة أردوغان.
ما يتعمد التيار الإسلامي إغفاله عن عمد، هو ان الاقتصاد التركي -مفخرة أردوغان ومحبيه- اقتصاد هش لأنه قائم من الأساس على القروض، ولعل الأزمة الأخيرة أثبتت صحة ذلك، وكادت أزمة انهيار الليرة التركية تودي بالاقتصاد التركي على نفس طريقة أزمة انهيار العملات التي حدثت لدول جنوب شرق آسيا في التسعينات من القرن الماضي، وما منع تكرار الأزمة هو براجماتية أردوغان وقدرته السريعة على التراجع عن القرارات.
ومع تقديم الرئيس للتركي مزيد من التنازلات، يتوقع ان يتحسن موقف الليرة في مواجهة الدولار، ويمكن أن نحدد 5 صفقات إذا نفذها الرئيس التركي فإنها ستقود الليرة لأن تصل إلى مستوى التساوي مع الدولار، أي ان يكون سعر الليرة يساوي واحد دولار، ويبقى الفيصل هو قبول أردوغان لهذه الصفقات من عدمه، يمكن رصدها في التالي:
صفقة بونسون
ارتفعت الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 1.6% ليتراجع الدولار إلى 5.7788 ليرة، على خلفية أنباء لوسائل إعلام أمريكية تفيد بتوصل أنقرة وواشنطن لاتفاق يقضي بإطلاق سراح القس الأمريكي آندرو برونسون الموقوف في تركيا.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مصادر في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القون بإن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق مع تركيا للإفراج عن برونسون الموقوف بتهم تتعلق بالإرهاب على الأراضي التركية، منوهين إلى أن الصفقة تشمل رفع العقوبات الأمريكية عن تركيا مقابل إصدار حكم بالسجن على برونسون يساوي المدة التي أمضاها في حبسه، أو السماح له بأن يمضي جزءا من مدة العقوبة في الولايات المتحدة.
ورغم نفي ترمب أي وجود لمثل هذه الصفقة، فإن الأحداث التي تزامنت مع الإفراج عنه تؤكد وجود مثل هذه الصفقة، كما انها ليست بالأمر الجديد على سياسات الرئيس التركي.
صفقات أخرى
الخطوة التالية، أو الصفقة التالية التي ستدفع باتجاه إنقاذ الليرة التركية، تتمثل في قبول تركيا بصفقة لتمرير أزمة اختفاء الكاتي الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وهو ما إذا حصل، فغن التوقعات تقول بإن الليرة يتواصل الارتفاع وربما يسجل الدولار 4 ليرات، بدلا من 5.77 بعد نجاح صفقة القس الأمريكي.
الصفقات الأخرى يمكن ان نختصرها في النقاط التالية:
- إذا أعلنت تركيا رسمياً تخليها عن شراء نظام الدفاع الجوي الروسي إس-400، فمن المتوقع أن تواصل الليرة الارتفاع، ويسجل الدولار 3 ليرات.
- إذا ألغت تركيا مشروع "السيل التركي" لتوصيل الغاز الروسي لأوروباـ فقد يسجل الدولار وقتها 2 ليرة.
- قد تصل الليرة إلى 1 دولار لو انسحبت تركيا من اتفاق إدلب.
الأحداث أثبتت أن قضية "ضراب وأتيلا وخلق بنك" كانت مجرد وسيلة للضغط شخصياً على الرئيس أردوغان للقبول بتك الصفقات. ولكن، هل يذعن أردوغان ويقبل كل هذه الصفقات؟ أغلب الظن أن أردوغان لن يقبل بكثير من تلك التنازلات، لكن الأيام وحدها كفيلة بتأكيد ذلك من عدمه.
أخيرا، تجدر الإشارة إلى أن الترتيب السابق للصفقات ليست له أهمية كبرى، فقد يحصل بعضها قبل الآخر، دون الالتزام بالترتيب السابق، لكن القصد من ذكرها هنا هو التاكيد على ان الصفقات لن تخرج عن هذه الموضوعات، بعيدا عن تراتبية وقوعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق