د. عاطف معتمد
تعليقا على مقالي عن شارع "كلوت بك"، طرح أحدهم تساؤلا عن سبب ربط البعض بين حي الدعارة في الأزبكية (في نهاية القرن 19 ومطلع القرن 20) وكلمة "كيلوت" التي تصادفت مع هجاء خاطئ للشارع الذي يحمل اسم الطبيب الفرنسي الشهير "كلوت" بك.
ويستلزم الأمر هنا التمييز بين اسم الطبيب الفرنسي Clot الذي عرفنا قصته أمس وكلمة كيلوت Culotte وهي فرنسية الأصل أيضا.
وخلافا للمعنى الدارج حاليا الذي يثير الحياء عند ذكر كلمة "كيلوت" باعتبارها قطعة ملابس داخلية صغيرة سفلية فإن أصل الكلمة لم يكن بهذا المعنى.
اقرأ أيضا: شارع "كلوت" بك !
فحتى عهد الثورة الفرنسية في نهاية القرن 18 كانت كلمة Culottes تطلق على سروال قصير سواء للرجال أو النساء.
ولأن الطبقة البرجوازية الغنية القريبة من الملك كانت ترتدي هذا السروال القصير الذي بالكاد يصل إلى ما دون الركبة فقد أصبح هذا السروال (الكيلوت) رمزا للطبقة الغنية الميسورة التي تعيش وتقتات على جهود وعرق الفلاحين.
وحينما نشبت الثورة الفرنسية في تلك الفترة، وتشعبت إلى تيارات دموية وأخرى معتدلة كانت هناك فرقة منها من الطبقة العاملة المتشددة في مواقفها الثورية وأطلقوا على أنفسهم اسم "بدون كيلوتات Sans-culottes".
لا يعني هذا أنهم كانوا عراة ولكنهم تخلوا عن السراويل القصيرة لأنها كانت ترمز للبرجوازية المستبدة الطفيلية لصالح بناطيل طويلة أكثر عملية تناسب الحركة والكر والفر وتناسب العمل الشاق والحراك الثوري.
وبالتالي جاءت الثورة على "الكيلوتات" لصالح البنطال المميز للطبقة العاملة الذي يرتديه جميع رجال المدن في العصر الحديث في كافة أرجاء العالم الآن. ومن ثم يعد البنطال شكلا ثوريا على الكيلوت أي السروال القصير الذي يصل إلى الركبة والمميز للحياة الفاخرة.
في الصورة المرفقة تجدون على اليمين رسم للملك الفرنسي لويس السادس عشر مرتديا "الكيلوت" وعلى اليسار صورة لأحد أعضاء حركة "من غير كيلوتات" مرتديا البنطال الكامل.
****
أي تشابه بين هذا البوست وموضوعات انتشرت الأسبوع الماضي لإلهاء الناس بتوافه الأمور ..محض مصادفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق