قبل كل شيء وقبل أى شيء، أنا مقتنع تمام الاقتناع أن كل دول الخليج ماهى إلا مستعمرات أمريكية، والكل هنا يشمل الجميع دون استثناء، حتى لو تباينت مواقف تلك الدول وسياساتها الخارجية فى بعض القضايا، كما هو الحاصل فى انقلاب مصر ومحاولة الانقلاب فى ليبيا وقبلها تونس.
وحتى وقت قريب جدا،
كنت متيقن كل اليقين أن حالة العداء بين الحلف الصهيونى الأمريكى و "محور
المقاومة" المتمثل فى ايران وحزب الله ونظام بشار الاسد، لم ولن تقل بل هى فى
ازدياد.. هذا اليقين كان حتى وقت قريب.. حتى وقع الانقلاب العسكرى فى مصر، وتوقعنا
ان يكون الموقف الايرانى مماثل على الاقل للموقف التركى أو مشابه لموقف قطر –الدولة
الخليجية- حيث التصدى القاطع للانقلاب العسكرى والتأكيد على رفض ما قام به جيش
كامب ديفيد.
لكننى فؤجئت بموقف من
اكثر المواقف المخزية الصادمة لدولة طالما تغنت بعدائها لأمريكا واسرائيل، وسرعان
ما غضت الطرف عن انقلاب رعته امريكا ودعمته اسرائيل، واكتفت ايران بموقفا محايدا
لا يتماشى مع السياسة الحاسمة القاطعة التى تنتهجها ايران فيما يخص العلاقات مع
الحلف الصهيونى الامربكى وازلامه فى المنطقة.
على النقيض تماما،
اتخذت قطر وتركيا موقفا سيذكره التاريخ بكل فخر وامتنان، فالأولى سخرت قناة
الجزيرة الذراع الضارب لها فى خدمة الثوار ورافضى الانقلاب، بينما لعب اردوغان
تركيا -ولايزال- دورا سياسيا بارزا فى التذكير بالقضية المصرية من حين لآخر.
ما السبب فى كل
ماسبق، ولماذا أتحدث الآن عن الموقف الايرانى من الثورة ؟ السبب راجع إلى تنامى
مقاطعات بعض قادة معسكر العداء للحلف الصهيونى الأمريكى، وهم فى نفس الوقت من
رافضى انقلاب، واعتقد انهم الوحيدين الذين اتخذوا موقفا رشيدا بالجمع بين
الحالتين، لكنهم شرعوا فى شن هجوم لا محل له من الاعراب على قناة الجزيرة الذراع
الاعلامى القوى والوحيد الذى يملكه ثوار مصر ورافضى الانقلاب.. والسبب او الحجة
التى تقال هى ان قطر ماهى الا مستعمرة صهيوامريكية كما هى باقى دول الخليج، وان
التباين فى مواقف قطر والخليج ماهو الا توزيع ادوار برعاية امريكية.
كما قلت آنفا.. لا
يخفى على احد حقيقة ان الخليج كله مستعمرة امريكية.. لكن ماذا عن موقف "محور
المقاومة" السيء من الانقلاب الصهيونى الذى نفذه جيش كامب ديفيد، لأننا اذا
كنا سنتحدث عن مواقف الدول المحيطة بنا بغرض كشف حقيقتها، فلماذا لم يتطرق هؤلاء
إلى الموقف الايرانى الفاضح من دعم الانقلاب، وارجو الا يخدعنا هؤلاء بلبانة محور
المقاومة والممانعة.
قبل ان نهاجم قناة
الجزيرة على وقوفها جانب ثوار مصر، وقبل ان يدعونا هؤلاء إلى التخلى عن مصدر قوتنا
الاعلامى الوحيد، كان أولى بهم أن يسألوا أصدقائهم فى "محور المقاومة"
عن سبب هذا الموقف الفاضح من دعم جيش كامب ديفيد فى مصر، كفاك ان تتابع التناول
الاعلامى للمواقع والصحف والقنوات الايرانية –صدورا وتمويلا- من اول قناة العالم
وحتى قنوات ومواقع حزب الله اللبنانى والمالكى العراقى، جميعها –ومن اليوم الاول-
باركت الانقلاب وتعاملت معه على كونه امرا واقعا لا يقبل الجدل او التغيير، حتى
اننى كلما دلخت الى موقع قناة العالم او الميادين او المنار آملا ان اجد بعض
التعاطف مع ثوار مصر وشهدائها، لا اجد الا كل تعسف وتحيز مع جيش كامب ديفيد بل
ودعما له فى محاربته ضد "ارهاب الاخوان المسلمين"
اذن فالاعلام
الايرانى اتخذ طريقه فى دعم الظلم ومباركة الانقلاب، ولا يخفى علينا أيضا ان
الاعلام الايرانى لا يستطيع مخالفة أوامر خامنئى، فلا يخدعنا احد بان ايران بها
حرية تعبير وحرية صحافة، حتى نرجع الموقف السيء لاعلام ايران الى القائمين على هذا
الاعلام، غير ان الحقيقة ان كل القنوات والصحف والمواقع التابعة لـ"محور
المقاومة" لا تقدر على الخروج عن الاطار الذى رسمته لها ايران باعتبارها
زعيمة هذا المحور.
اذن.. نحن امام دولة
معروف صراحة انها مستعمرة امريكية لكننها اتخذت موقفا مقاوما –ولو صوريا- داعما للثوار
رافضا للانقلاب، واخرى تتغنى دوما بقيادتها محور المقاومة والعداء للحلف الصهيونى
الامريكى لكنها اتخذت موقفاداعما لجيش كامب ديفيد معاديا لاهل الحق.. ورغم ذلك
يطالبنا البعض بالتخلى عن الأولى دون الحديث عن الموقف السيء للثانية.. مالكم كيف
تحكمون ؟
لا اجد مبررا للحملة
على قناة الجزيرة فى هذا التوقيت –خاصة ان تلك الحملة لا يؤيدها الا الاعلام
الفاشل المؤيد للانقلاب بعد عجزه عن التصدى لقناة الجزيرة- فهب اننا تخلينا عنها
او بالاحرى تخلت هى عنا، فمن سيوفر الغطاء الاعلامى لثوار مصر، فى ظل سذاجة
القنوات الاخرى الصادرة من تركيا مثل قناة رابعه والشرق ومكملين وغيرهم من القنوات
؟ من سيمنح لثوار مصر الفرصة الذهبية للتعريف بقضيتهم على نطاق عالمى كما تفعل
قناة الجزيرة ؟ ولماذا لم يتحدث هؤلاء عن قناة العالم وتناولها الخسيس للموقف فى
مصر ؟ ولماذا لم يتحدثوا عن موقف حزب الله السيء من انقلاب مصر ؟ ولماذا لم يسألوا
أصدقائهم فى "محور المقاومة" بان يتخذوا موقفا أكثر شرفا من موقفهم
الحالى ؟ واذا افترضنا ان الصورة غير واضحة المعالم للدولة الايرانية وتوابعها فى
"محور المقاومة" –وهو افتراض كاذب خادع- لماذا لم يهم هؤلاء الى توضيح
الصورة كاملة بان ما حدث فى مصر هو انقلاب مدعوم من الحلف الصهيونى الامريكى الذى
طالما تغنت ايران بالعداء له ؟
واذا كان السبب وراء
الموقف الايرانى هو تخطيطا استراتيجيا معينا او سياسة دولية مقصودة، فاين الحديث
اذن عن المبادىء التى لا تتجزأ او العداء القاطع الحاسم الحازم للحلف الصهيونى
الامريكى ؟ ولماذا تخلت إيران عن مقولة الامام الخمينى " إذا رأيتم أمريكا راضية
عنكم فاعلموا بأنكم قد ضللتم الطريق" ؟ فى الواقع ان العلاقة تخطت الرضا الى
التطابق التام فى وجهات النظر فيما يخص قضية انقلاب مصر.
حتى لا أطيل اكثر من
ذلك.. ادعو هؤلاءالداعين لمقاطعة الجزيرة وتحميلها وزر فشل الثورة المصرية، الى
السعى لتصحيح الموقف الخاطئ لدول "محور المقاومة" وان يدعو الجزيرة تكمل
الدور الذى لولاه –بعد الله ثم جهاد المصريين- لوصلت الامور الى منحنى سيء من حيث
تدعيم اركان الانقلاب.. وحتى ينتهى هذا الدور نرجو أن نحدد يدا من الذى يتظاهر بالتضامن ومن الذى يدعى قيادة المقاومة.
هذه مجموعة من اقول
الخمينى ضد (أمريكا الشيطان الأكبر) واسرائيل... فهل انقلب خامنئى على فكر الخمينى
؟ ام ان الامر لا يعدو كونها مجرد شعارات ترددها ايران وقتما تريد وتتركها حينما
ترغب ؟ ام ان هذه المقولات منحت ايران فقط الحق فى منح صكوك المقاومة لمن تشاء
ونزعها ممن تشاء؟:
· إسرائيل غدة سرطانية يجب أن
تزال من الوجود
· ان كل نعانيه هو من فعل الامريكين
فهل لنا ان نترك الاصلي ثم نبحث عن الامعة والاداة
· ان على العالم القضاء على امريكا
والافان هذه المصائب ستظل تسحق العالم مادامت امريكا موجودة
· كل بلد يعمه القتل سببه التدخل
الامريكي
· اننا لو كنا خضعنا لامريكا
والقوى العظمى لكان من الممكن ان يتحقق الامن والرفاهية الظاهرية، ولما امتلات مقابرنا
بشهداءنا الاعزاء ولكننا سنفقد بلا شك استقلالنا وحريتنا وكرامتنا جزاء ذلك
· ماالذي حدث لكي تصبح الاستكبار
العالمي على راسه امريكا مناصرا للشعوب او ان يؤمن مشعلو الحروب والمعارك وجلادو القرن
هكذا بالشرف الانساني والتعايش السلمي
· هذه البلدان لابد ان تبتلعها
امريكا وكل يتفوق في هذا المضمار يحوز قصب السبق من مجلس الشيوخ الامريكي بينما من
يحول دون ذالك فهو مجرم في نظر هذا المجلس.
عبدالرحمن كمال
yonis_614@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق