أحدث الموضوعات
recent

لوحة المجاعة..."سهيل" عبر التاريخ!


د. عاطف معتمد

في نيل أسوان جزيرة فريدة عجيبة يغفل عنها كثير من السائحين تسمى "سهيل".

تتألف "سهيل" من جرانيت أسوان الشهير، على قمة هذه الجزيرة الجرانيتية أخذت الصورة المرفقة لواحدة من المشاهد ذات الشهرة العالمية وتعرف باسم "لوحة المجاعة". 

وضعت على الصخرة الكتاب الإرشادي الذي كتبه عدد من العلماء الأجانب عن هذه اللوحة، ومن هذا الكتاب أخذت السطور التالية:

يذهب علماء الآثار إلى أن النقش الموجود على هذه اللوحة يؤرخ للعصر البطلمي (ربما في عهد بطلميوس الخامس 205-180 ق. م).

ورغم أن النقوش تمت قبل 2200 سنة إلا أن الأحداث التي تحكيها اللوحة تعود إلى آلاف السنين الماضية السابقة على زمن اللوحة.

فهي تحكي عن واقعة مجاعة أصابت مصر في عصر الملك زوسر من الأسرة الثالثة ( 2686 ق. م – 2649 ق. م).

وهذا أمر بالغ الأهمية  في الموضوع، فالفارق الزمني بين تاريخ الأحداث التي ترويها اللوحة وتاريخ نقشها يبلغ نحو 2450 سنة !

إذا نظرت للصورة المرفقة ستجد الجزء العلوي من اللوحة يضم أربع شخصيات هي من اليسار إلى اليمين: الملك زوسر واقفا يمد يديه بالقرابين إلى ثلاثة من الآلهة المصرية الكبرى: خنوم (المعبود الخالق)، ساتت (معبودة الحرب وحارسة الحدود في النوبة) وعنقت (معبودة فيضان نهر النيل). 

الجزء الأدنى من اللوحة يتألف من 32 عمود للكتابة تؤرخ للعام 18 من حكم الملك زوسر (ومقر حكمه في الشمال في العاصمة "منف" عند التقاء الوادي بالدلتا).

 يقول النقش إنه في ذلك العام انتاب الملك شعور بالقلق مع تزايد الجفاف والقحط بالبلاد المصرية بسبب ضعف مياه النيل لسبع سنوات عجاف فأصاب الناس خوف وهلع وخرجوا عن كل قانون ونظام وهاجوا في شغب وقتل وسلب ونهب وفوضى عارمة. 

وبالاستعانة بالمستشار والمهندس الشهير  في ذلك الوقت "إيمحوتب" عرف الملك زوسر أن الفيضان رهين بإله الخلق "خنوم" في إليفنتين (أسوان) التي ينبع منها النيل من ينبوع مقدس.(لم يكن الاعتقاد وقتها بأن النيل يأتي من منابع الحبشة أو هضبة البحيرات الاستوائية. 

سافر إيمحوتب إلى ينبوع النهر في إليفنتين (شلال أسوان) وخلال صلاته أخذته سنة من نوم فرأي في منامه خنوم يعده بإعادة الفيضان من جديد.

 رجع إيمحوتب من أسوان إلى منف وقص على زوسر الرؤيا فسعد زوسر بالأمر وأمر بالاهتمام بعبادة خنوم وبث الحياة في معبده وتقديم العطايا له، فضلا عن منح ثروات لكهنة معبد خنوم في إليفنتين وأن يشارك المعبد في الأرباح التي يجنيها إقليم النوبة من التجارة. 

ورغم الأهمية الأثرية والعلمية والتاريخية للوحة وما تضمه من نقش، يذهب البعض إلى أن الفارق الزمني الكبير بين قصة النقش وتاريخ كتابته ربما يشير إلى محاولة من كهنة إليفنتين تخويف الحكام البطالمة وابتزازهم بضرورة الاهتمام بمعبدهم وعبادة خنوم وإلا وقع بهم الجفاف والقحط كما حدث قبل آلاف السنين.


زقاق النت

زقاق النت

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.