أحدث الموضوعات
recent

م. يحيى حسين عبدالهادي يكتب: تصفير المنافسين المحتملين

(المُلك عقيمٌ، ولو طلبتَ الذي في يدي لأخذتُ الذي فيه عيناك)- قولٌ منسوبٌ لهارون الرشيد مُوَّجَهٌ إلى ابنه.


كانت أكبر وأبشع عملية تصفيرٍ للمنافسين المحتملين في التاريخ، تلك المذبحة التي أمر بها السلطان العثماني محمد الثالث في ١٦ يناير ١٥٩٥ وقتل فيها كل إخوته الذكور (١٩ أخاً معظمهم لم يصِلوا إلى سِنِّ البلوغ) وكل زوجات وجواري أبيه الحوامل في إخوةٍ محتملين (قيل إنهن ٢٧ امرأة) قبل أن يُدفَن أبوه السلطان المتوفي مراد الثالث (الذي كان قد قتل بدوره إخوته الخمسة في بداية حكمه).

تَوَّلَى محمد الثالث الحكم وهو في الثامنة والعشرين من عمره .. وفَعَلَ الأفاعيلَ لإزاحة أيِّ منافسٍ محتملٍ، لدرجة أنه قتل ابنه ووَلِّي عهده محمود المحبوب شعبياً رغم صِغر سِنِّه (١٦ عاماً) .. وبعد ذلك بشهورٍ قليلةٍ مات قبل أن يُكمل السابعة والثلاثين من عمره دون سببٍ واضحٍ .. ولم يمكث على الكُرسي الذي ارتكب من أجله كل الجرائم أكثر من ٩ سنواتٍ.

تلك سُنَّةُ التاريخ .. يُنفِقُ الطاغيةُ فترةَ حُكْمِه مُطارداً مُنافسيه المحتملين بالعزل أو النفي أو الحبس أو القتل أو أحكام القضاء المَعيبة والقوانين المُفَّصَلَة .. ورغم حربه الضَروس للاحتفاظ بالكرسي يغادره ذات يومٍ أيَّاً كان السبب والوسيلة .. ينسى الطاغيةُ في سَعْيِه لتصفير منافسيه المحتملين أنَّه هو نفسُه صِفرٌ  .. والصِفرُ لا يملك تغيير القَدَر .. لم يَخْلُد أحدٌ جالساً على الكرسي للأبد .. الخلود للعمل لا للجلوس .. تلك سُنَّةُ التاريخ لكن الطغاة لا يتعلمون.

زقاق النت

زقاق النت

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.