انتشار وسم الكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار #رحل / #مدتين_كفاية / ما يستجد بنفس المعنى، لفئات من شعب عربي ما مخاطباً حاكمه، فهذا يعنى كون المدونين على الوسم، يطالبون برحيل هذا الحاكم، وبالتالي يمكن هنا اعتبار التدوين بالقبول أو الرفض، بمثابة استطلاع رأى إلكترونى لشعبية هذا الحاكم، فى ظل انتشار مواقع التواصل الأجتماعي، وتحولها إلى الوسيلة الأكثر سهولة للتعبير عن الرأي.
ولكن هنا لابد من طرح أسئلة شديدة الأهمية، ومن أمثلتها: هل تكفى الوسوم الإلكترونية حقاً، للضغط على "حاكم / نظام"، بحيث تجبره على الرحيل فعلاً، أو حتى الاكتفاء بمدد محددة؟
إذا حدث وبشكل ما أو بآخر، ورحل "الحاكم / النظام"، فهل هذه الوسوم وحالة السيولة الثورية، تكفى فعلاً لتأمين بديل أفضل للشعب والوطن؟ من الأساس والأصل، هل انتشار الوسم ومحاكاته لمطلب شعبي شديد الأهمية والمصيرية، هل يعنى بالضرورة، حهوزية هذا الشعب لحكم نفسه؟
للأسف، سنجد الإجابات المنطقية كلها تؤكد أن الوسوم وحدها لا تكفي للضغط، لرحيل "حاكم / نظام"، وإذا حدث ورحل لسبب ما أو آخر، فحالة السيولة الثورية هي الأخرى، بالضرورة لا تعني جهوزية بديل أفضل، وانتشار الوسم بين الشعب وتوافقه عليه، لا يعني أيضاً -مع كامل الأسف- جهوزية هذا الشعب لإفراز البديل الشعبى.
ولعل المثال الأكثر وضوحاً وبداهة، هو ماحدث فى "مصر" أثناء حراك "يناير 2011"، حيث كانت الوسوم الإلكترونية تجتاح مواقع التواصل الاجتماعى، مطالبة برحيل الرئيس المصري حسنى مبارك، باعتباره مطلب شعبي متفق عليه من الأغلبية.
فلما حدث ورحل "مبارك" بأسباب مختلفة، تم الاكتشاف على المباشر، أن "مبارك" رحل ليحكم بدلاً منه وجه آخر، من أوجه نفس نظام "مبارك"، وليعيد إنتاج نفس النظام، بل وبشكل أكثر سوءاً، وتم كل هذا بمنتهى السلاسة والمنطقية، وكلمة السر هي عدم جهوزية الشعب المصري، بالبديل الوطني أولاً، ثم ثانياً الاكتفاء برحيل "مبارك"، في حين أن التحرر الوطني الحقيقي، كان يعني حتمية خلع ومحاكمة النظام بأكمله، لا مجرد وجهه الحاكم.
حسناً هل تعنى هذه الكلمات ومعانيها، تسليم الشعوب لـ "الأنظمة / الحكام"، باعتبارهم قضاء وقدر، في ظل عدم جهوزية الشعوب بالبديل الوطني؟!
في الحقيقة الإجابة لا وألف لا، وإنما العكس تماماً هو الصحيح، ولكن المنطق البسيط يحتم خطوات واضحة ومحددة، لتستطيع الشعوب حكم نفسها، منها حتمية بناء "تنظيم / حزب / حركة"، وعلى أساس وطني متين، ومن خلايا شعبية حقيقية، ومن خلال كفاح مستمر، وعمل وطني سياسي شعبي، سيقوى مع مرور الوقت، حتى يبلغ درجة من الوعى والجهوزية، ليكون لحظتها قادر على الإطاحة بالنظام الحاكم، واستلام مهامه.
نكرر الأسف للأسف، عندما نرصد بحكم الواقع، انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، وما أسفرت عنه من حالة لزوجة واستسهال، وعدم وعي بالمنطق البسيط، لتنتج مجموعة كبيرة من مرتادي العالم الافتراضي، يظنون -وكثيراً من الظن إثم- أن الانتشار والمساهمة في التدوين، على وسم إلكتروني، هو عمل كافي وافي، والأهم أنه ذو جدوى، في حين أن الوعي الوطني البسيط، يحتم العمل لخلق بديل وطني أولاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق