حقيقة تحالف الإخوان مع أمريكا لإعلان قيام الدولة الإسلامية وفقا لكتاب "خيارات صعبة"


مفاجأة.. هيلاري كلينتون تعترف فى كتابها "خيارات صعبة Hard Choices" ان الولايات المتحدة الأمريكية نسقت مع جماعة الإخوان المسلمين فى مصر  لتأسيس الدولة الإسلامية فى العراق والشام المعروفة اعلاميا بـ"داعش" على أن يتم إعلانها فى 5 يوليو 2013 باعتراف أمريكي أوروبي.
هذه الفقرة هى اختصار لخبر لاقى رواجا وانتشارا فى مواقع وصحف المفترض ان لها اسما كبيرا يحتم عليها التحقق والتدقيق من صحة ما تنشر، مثل موقع العالم التابع لجمهورية إيران الإسلامية، وموقع اليوم السابع الذى يتفاخر دوما بكونه الموقع الإخبارى الأول فى مصر.

متن الخبر كان كالتالى:
"فجّرت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون في كتاب لها أطلقت عليه اسم «خيارات صعبة» ، مفاجأة من الطراز الثقيل ، عندما اعترفت بأن الادارة الاميركية قامت بتأسيس ما يسمى بتنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» الموسوم بـ"داعش" ، لتقسيم منطقة الشرق الاوسط .
الوزیرة الاميرکیة السابقة قالت في کتاب مذکراتها الذي صدر في أميرکا مؤخرا: "دخلنا الحرب العراقیة واللیبیة والسوریة وکل شيء کان على ما یرام وجید جدا وفجأه قامت ثورة 30 / 6 - 3 / 7 في مصر وکل شيء تغیر خلال 72 ساعة" .
وأضافت: تم الاتفاق على اعلان الدولة الاسلامیة یوم 2013/7/5 ، وکنا ننتظر الاعلان لکي نعترف نحن واوروبا بها فورا" .
وتابعت تقول " کنت قد زرت 112 دولة فى العالم.. و تم الاتفاق مع بعض الاصدقاء بالاعتراف بـ"الدولة الاسلامیة" حال اعلانها فورا وفجأة تحطم کل شيء" .
وتابعت القول "کل شيء کسر امام اعیننا بدون سابق انذار، شيء مهول حدث!!، فکرنا فى استخدام القوة ولکن مصر لیست سوریا او لیبیا، فجیش مصر قوي للغایة وشعب مصر لن یترك جیشه وحده ابدا".
وتزید "وعندما تحرکنا بعدد من قطع الاسطول الاميرکی ناحیة الاسکندریة تم رصدنا من قبل سرب غواصات حدیثة جدا یطلق علیها ذئاب البحر 21 وهي مجهزة باحدث الاسلحة والرصد والتتبع وعندما حاولنا الاقتراب من قبالة البحر الاحمر فوجئنا بسرب طائرات میغ 21 الروسیة القدیمة، ولکن الاغرب ان رادارتنا لم تکتشفها من این اتت واین ذهبت بعد ذلك ، ففضلنا الرجوع مرة اخرى ازداد التفاف الشعب المصري مع جیشه وتحرکت الصین وروسیا رافضین هذا الوضع وتم رجوع قطع الاسطول والى الان لانعرف کیف نتعامل مع مصر وجیشها".
وتقول هیلاري " اذا استخدمنا القوة ضد مصر خسرنا، واذا ترکنا مصر خسرنا شیئا في غایة الصعوبة، مصر هي  قلب العالم العربي والاسلامي ومن خلال سیطرتنا علیها من خلال الاخوان عن طریق مایسمى بـ «الدولة الإسلامیة» وتقسیمها ، کان بعد ذلك التوجه لدول الخلیح الفارسي وکانت اول دولة مهیأة الکویت عن طریق اعواننا هنا , من الاخوان فالسعودیة ثم الامارات والبحرین وعمان وبعد ذلك یعاد تقسیم المنطقة العربیة بالکامل بما تشمله بقیة الدول العربیة ودول المغرب العربي وتصبح السیطرة لنا بالکامل خاصة على منابع النفط والمنافذ البحریة واذا کان هناك بعض الاختلاف بینهم فالوضع یتغیر".  انتهى الاقتباس.

إذن نحن أمام جملة من الأخبار الخطيرة، أهمها على الإطلاق:
1- التنسيق بين الاخوان والامريكان على تأسيس واعلان الدولة الاسلامية والاعتراف بها يوم 5 يوليو 2013.

2- كل شيء كان على ما يرام، حتى حدث مالم يكن فى الحسبان، فى اشارة الى انقلاب 30 يوليو -او ثورة 30 يونيو- التى قادها عسكر مصر على الاخوان المتحالفين مع امريكا.

3- امريكا حركت قطعا من اسطولها السادس عقب 3 يوليو فى اتجاه الإسکندریة قبل أن يتم رصدها من قِبَلِ سرب غواصات حدیثة جدًا یطلق علیها ذئاب البحر 21 وهى مجهزة بأحدث الأسلحة والرصد والتَّتبع، وعندما حاول الاقتراب من قبالة البحر الأحمر فوجئ بسرب طائرات میج 21 الروسیة القدیمة ، معربةً عن دهشتها الشديدة من أن رادارات القطع الأمريكية لم تکتشف من أین أتت وأین ذهبت بعد ذلك، وهو ما دفع القيادة السياسية لاتخاذ قرار بالرجوع مرة أخرى، خاصة بعدما ازداد التفاف الشعب المصرى حول جیشه وتحرکت الصین وروسیا رافضتین هذا الوضع، مؤكدة أن الولايات المتحدة ما زالت تعجز عن التعامل مع مصر وجیشها.

سرعان ما تناقل الإعلام المؤيد لعسكر كامب ديفيد هذه التصريحات المنسوبة لوزيرة الخارجية الامريكية السابقة دون تحقيق أو تدقيق او تثبت، وانتشرت انتشار النار فى الهشيم، وتلقفتها قنوات الفلول كلاب الجيش، بل وحتى قناة العالم الايرانية وموقعها التى تزعم انها على نفس مستوى قناة الجزيرة القطرية، لم تكلف نفسها عناء البحث والتثبت ونشرت الخبر كما هو.

احقاقا للحق، كدنا نقول ان مصر عدمت كاتبا صحفيا او مفكرا المعيا يكشف لنا حقيقة كتاب هيلارى ومدى صحة ما نسب اليها، لكن  كانت النجدة عبر مقالين لمفكر اسلامي بحجم الدكتور محمد يوسف عدس،وكاتبة ومفكرة ليبرالية  بقيمة الدكتورة منار الشوربجي.

الأول دقق ومحص حول ما نسب الى كتاب هيلارى، والثانية تحققت وتفحصت الكتاب، وخرجا كليهما بنتيجة واحدة: ان كل ما نشر لا أساس له من الصحة، وكان ردهما موثقا عبر مقالين ننشرهما هنا  ليس دفاعًا عن الكتاب ولا عن مسز كلينتون، ولا عن مستر "إخوان مسلمين" .. ولكن إحقاقًا للحق وإعلاءً للحقيقة التى جنى عليها المبطلون والمنافقون الذين يتاجرون بالكلمات المغشوشة  ويستمرئون التزييف ولا يحترمون عقول البشر ؛ وكأنهم يخاطبون قطعانًا من الماشية.

كان مجنونا يحارب طواحين الهواء

بقلم: محمد يوسف عدس

هذا "دون كيشوت" الزمن القديم .. ولكنه كان أشرف وأنبل من دون كيشوت العصر والأوان ؛  كان الأول مهووسًا ببطولاته الوهمية مع  طواحين الهواء ، لايملك إلا فرسه وسيفه ، وأوهاما تسكن خلايا الدماغ ، وخادما على حمار هزيل ..  أما سليله فقد ورث منه جنون العظمة ، ولكنه يملك جيشًا عَرَمْرَمًا وأموالا طائلة وإمبراطورية من العبيد يهتفون له ، وأجهزة إعلام تنشد له: "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" .. فإذا فرغ من مغامرة فاشلة ، إخترعوا له أخرى؛ معركة جديدة فى كل يوم .  وفى هذا تفوّقت عبقرية الإعلام المرتزق ، الذى أبدع فى اختلاق المعارك الحامية من لا شيء .  وتميّز بقدرة خارقة على  أن يصنع من كل حدث فرصة لإطلاق شرارة معركة جديدة ، يستعرض فيها دون كيشوت بطولاته الجنونية ، على أنغام الطبل والزمر ، فينشغل الشعب التعيس فترة من الزمن ، وينسى بعض ما يعانيه  من بؤس مقيم.
أي حدث عادي يمكن أن يتحوّل على أيدي سحرة فرعون إلى معركة حامية ، حتى ولو كان هذا الحدث مجرد صدور كتاب جديد .. مثل كتاب هيلاري كِلِينْتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة .. بعنوان "خيارات صعبة"  Hard Choices
والغواية هنا قوية ؛ فالمؤلفة مشهورة ، ولها علاقات واسعة -بحكم وظيفتها- فى دنيا السياسة العالمية ، وقد سبق أن زارت مصر عدة مرات ، والتقت بالرئيس محمد مرسى، وخاض الإعلام المعادى له  آنذاك فى علاقة المرأة بجماعة الإخوان المسلمين ، وأثيرت عواصف وشبهات حول مستشارتها "هوما عابدين" التى اتُّهِمَتْ بأنها عضو فى التنظيم الدولي للإخوان ، مثل أوباما وأخوه الذى لا أعرف اسمه .. ومن ثم فالربط بين هِيلاري بعلاقات سرية مع الإخوان المسلمين مسألة سهلة لا تحتاج إلى جهد عبقري.
من أهم عناصر الغواية أن الكتاب باللغة الإنجليزية.. والافتراض الشائع هو أن التعامل مع اللغات الأجنبية احتكار لنخبة معدومة الضمير . ولكنها منتشرة كالوباء فى وسائل الإعلام ؛ تمارس الدعارة الفكرية بلا خجل ولا حياء .
الفرصة إذن تتسع لأي مزاعم وادعاءات مهما كانت زائفة ، فلن يكتشف أحد زيفها ، إلا بعد أن تتمكن وتستقر فى أذهان القطيع ، ويصبح من المستحيل زحزحتها ، مهما أوتى مكتشفها من صدق المنطق وقوة البيان: فمن سيستمع إليه..؟! ، و أي منبر عام سيسمح له بإبلاغ صوته إلى الجماهير الغافلة المذعورة ، الذين يلعقون العفن من نعال العسكر ، ويُسْقَوْن العلقم كل يوم ، ثم يعبّرون عن سعادتهم الغامرة ، كأنهم قد شربوا الماء الزلال ورشفوا الشهد الحلال..؟!
الفرية الكبرى التى انطلقت كالقذيفة الموجّهة فى النصف الثانى من العام ٢٠١٤م تتلخص فى أن هيلاري كلينتوم قالت فى كتابها : "اتفقنا مع الاخوان المسلمين على تأسيس داعش وتقسيم المنطقة للسيطرة على النفط" .
رصدتُ الفرية فى مهدِها وتتبعتها فى تطورها والتواءات مساراتها ؛ فى الآثار المكتوبة والمشاهدة والمسموعة .. وبحثت تاريخ أصحابها ومجالات نشاطهم وانتماءاتهم العَقَدِيَةِ والسياسية ، وأي آثارفكرية لهم .. أردت بذلك أن أسْبُرَ أغوارهم وأنتزع عنهم هالاتهم وأقنعتهم التى تحجب وجوههم الحقيقية عن أعين الناس ، حتى لا يراهم أحد عرايا فى عناق سافر مع الشيطان..
انطلقت الفرية فى لبنان فى السادس من أغسطس ٢٠١٤م على يد صحفي من صبيان أمريكا اسمه سمير منصور ، خبير فى فبركة الأخبار . ثم مالبثت أن انتشرت انتشار النار فى الهشيم ؛ ففى اليوم التالى السابع من آب أغسطس و فى -لبنان أيضا- على قناة "العالم" .. ثم قفزت شبه جزيرة العرب لتظهرت على صفحات الأنباء الكويتية . العجيب أن نص المقال ظهر مكتوبا على شاشة "أخبار النجوم فى ٢٥أغسطس ٢٠١٤.. أنظر  هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=0uCgSxfCbTg
من هذه المصادر ، وبدون رجوع إلى الكتاب للتحقّق ، أخذَتْ الخبرَ جميعُ الصحف والقنوات المصرية (السيسيّة والفلولية والساويرسية) وأقامت عليها صروحًا من الأساطير والمبالغات لجمهور غائب عن الوعي . وهكذا طالت رحلتى فى مستنقعات الأكاذيب ، استعرضت فيها سلسلة من عمليات التضليل التى نُشرت عبر سبعة أشهر كاملة .  بعض الروايات انحرفت قليلا عن الخط العام ، فأضاف إيران إلى التوليفة هكذا: "داعش صناعة حلف الشيطان : أمريكا وإيران و الاخوان " كما ورد فى "منتديات الجلفة"..  كان عليّ أن أقرأ وأستمع إلى ١٦٩ [ملف] على شبكة الإنترنت منسوبا إلى هيلاري كلينتون عن العلاقة الثلاثية المزعومة بين الإخوان وداعش والأمريكان ، فى كتابها الموسوم بعنوان "Hard Choices"
لابد هنا من استعراض موجز للقضية الأساسية كما رواها الصحفي سمير منصور وتابعه فيها الإعلاميون العرب مع بعض المبالغات والانحرافات هنا وهناك.. يقول على لسان هيلارى كلينتون (أنقله دون تدخّل بلغته الركيكة وبمنطقه المفكَّك):
"كنا على اتفاق مع إخوان مصر على إعلان الدولة الإسلامیة فى سیناء وإعطائها لـحماس  وجزء لـ«إسرائیل» لحمایتها وانضمام حلایب وشلاتین إلى السودان، وفتح الحدود مع لیبیا من ناحیة السلوم .. على أن يتم الإعلان عن الدولة الإسلامیة یوم 5 يوليو 2013، لتعترف بها أمريكا ودول أوروبا."
ويزعم أنها قالت: " إن مصر هي قلب العالم العربی والإسلامی ومن خلال سیطرتنا علیها من خلال الإخوان عن طریق ما یسمى بـ«الدولة الإسلامیة» وتقسیمها، ثم التّوجُّه بعد ذلك لدول الخلیج ، وکانت أول دولة مهیأة الکویت ، عن طریق أعواننا هناك من الإخوان، فالسعودیة، ثم الإمارات والبحرین وعمان، وبعد ذلك یعاد تقسیم المنطقة العربیة بالکامل بما تشمله بقیة الدول العربیة ودول المغرب العربي، وتصبح السیطرة لنا بالکامل خاصة على منابع النفط والمنافذ البحریة.. " ويمضى الصحفيّ التُّحفة ، فيزعم أن مسز كلينتون أشارت فى كتابها إلى أن "قطع تابعة للأسطول الأمریکي تحركت في أعقاب الثورة [يقصد ثورة ٣٠يونية ٢٠١٣] فى اتجاه الإسکندریة قبل أن يتم رصدها من قِبَلِ سرب غواصات حدیثة جدًا یطلق علیها ذئاب البحر 21 وهى مجهزة بأحدث الأسلحة والرصد والتَّتبع، وعندما حاول الاقتراب من قبالة البحر الأحمر فوجئ بسرب طائرات میج 21 الروسیة القدیمة ، معربةً عن دهشتها الشديدة من أن رادارات القطع الأمريكية لم تکتشف من أین أتت وأین ذهبت بعد ذلك، وهو ما دفع القيادة السياسية لاتخاذ قرار بالرجوع مرة أخرى، خاصة بعدما ازداد التفاف الشعب المصرى حول جیشه وتحرکت الصین وروسیا رافضتین هذا الوضع، مؤكدة أن الولايات المتحدة ما زالت تعجز عن التعامل مع مصر وجیشها."..
** سيناريو عجيب مثل ألف ليلة وليلة [تصوّر واندهش..!!] ولا تنسى أن تلاحظ الخلط فى حركة الأسطول الأمريكي بين البحرالأبيض المتوسط قريبًا من اسكندرية ثم التحول فجأة "قبالة" البحر الأحمر ، فصاحبنا لايعرف جغرافيا .. ولاحظ أن الأسطول الأمريكي فوجئ ولم تعرف راداراته من أين جاء سرب طائرات ميج الروسية [القديمة] و أين اختفت .. كأنه يتحدث عن مركب صيد بدائي ، ضل طريقه فى البحر ، لأنه لا يملك حتى البوصلة البدائية..
هذا التهريج المفضوح لا يصدر إلا من دماغ حشّاشين مساطيل ، أفرطوا فى جرعة المخدر، ومع ذلك فقد استهوى الإعلاميين المصريين ؛ فتوسّعوا فيه ، وبنوا عليه أساطير عن بطولات وهمية للجيش المصري الذى استطاع أن يُذلّ أمريكا ويأسر قائد أسطولها فى البحر المتوسط ..!  [ولا تسأل أين ذهب هذا الأسير العملاق..!]
لم يكن عندى أدنى شك أن  ما كُتب وقيل فى هذا الموضوع أكاذيب وافتراءات وكلام فارغ من المعنى ، وأن أصحابه لم يقرأوا كتاب هيلارى كلينتون ، فلا يمكن أن تكون هيلارى كلينتون -مهما كذبت- أن تنحط إلى هذا المستوى من العبث الفكري والجهل البيِّن   .. حسنٌ جدًّا .. لنحسم الأمر بالرجوع إلى الكتاب المفترى عليه..
لم يكن كتاب "اختيارات صعبة" فى حوزتى ، ولم أُكن لأهتم بصاحبته ؛ فهي ليست من المفكرين ولا صاحبة مواقف متميّزة ، ولا حتى مثيرة للجدل مثل هنرى كيسنجر مثلا. ولكنى اضطررت لشراء نسخة منه –فقط-  لكي أتحقق ، من صحة ما نُسب إلى صاحبته من كلام .. فى الإعلام المصري الذى لا يتمتع بأي مصداقية ، ولا أمنحه ذرّة من الثقة..
وصلنى الكتاب بعد أسبوع ، وهو من القطع المتوسّط به ٦٣٥ صفحة ، ولكن بنط الكتابة أصغر مما يجب ، ورغم المعاناة فى قراءته التهمته التهاما .. مستعينا أحيانا بعدسات مكبرة .
خصصت كلينتون الجزء الخامس المكوّن من ١٨٦صفحة للحديث المفصل عن رحلاتها فى بلاد الشرق الأوسط ، ولقاءاتها مع أهم الشخصيات فى المنطقة ، وانطباعاتها عنهم،  وأحكامها عليهم ، وتقديراتها السياسية لمستقبل هذه المنطقة. قد تتفق معها أو تختلف هذا أمر وارد؛ فهي تمثل أمريكا بكل تحيزاتها وعنصريتها المقيتة ، ولكنّى لست معنيًّا هنا إلا بأمر واحد : هل ما نُقِلَ عنها منسوبا إلى كتابها صحيح ، أم محض افتراء..؟  
وإجابتى –بعد فحص الكتاب-  أننى لم أجد فيه إشارة واحدة إلى صحة ما روّجه الصحفيون والإعلاميون عنه..  وأن كل ما نسبوه إلى الكتاب وبنوا عليه القصص والأساطير والبطولات الزائفة محض افتراء .. وأن المسألة كلها هراء .. فى هراء .. فى هراء.  
أقول هذا الكلام ، ليس دفاعًا عن الكتاب ولا عن مسز كلينتون، ولا عن مستر "إخوان مسلمين" .. ولكن إحقاقًا للحق وإعلاءً للحقيقة التى جنى عليها المبطلون والمنافقون الذين يتاجرون بالكلمات المغشوشة  ويستمرئون التزييف ولا يحترمون عقول البشر ؛ وكأنهم يخاطبون قطعانًا من الماشية.
myades34@hotmail.com
      -------------------------------------------------------------------------------

هيلارى كلينتون وكتابها!

منار الشوربجيمنار الشوربجي


هى الأقاويل التى نسبت مؤخرا، فى مصر، لهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، بمناسبة صدور كتابها الأخير. والحقيقة أن بعض تلك الأقاويل بلغت فى نزقها درجة اللامعقول حتى إننى أشعر بصدمة حقيقية حين أجد من يوليها اهتماما ناهيك عمن يصدقها. لكننى لم أكن لأجرؤ على مناقشة تلك الأقاويل إلا بعد أن اقتنيت الكتاب وقرأته. والكتاب، الوحيد بالمناسبة، الذى صدر لهيلارى كلينتون مؤخرا، عنوانه «الخيارات الصعبة»، بمثابة مذكراتها فى الفترة التى قضتها وزيرة للخارجية.
ومن بين الأقاويل الزاعقة التى نشرت على لسان هيلارى كلينتون كان أنها وعدت مرسى بإعلان دولة الخلافة فى 5 يوليو 2013 ! وقد نشر على لسانها فى صحفنا التى نقل عنها للأسف صحفيون كبار أنها قالت «كان كل شىء على ما يرام. وفجأة قامت ثورة 30 يونيو، فتغير كل شىء، كنا على اتفاق مع الإخوان على ضم حلايب وشلاتين للسودان وفتح الحدود مع ليبيا من جهة السلوم وإعلان الدولة الإسلامية فى سيناء يوم 5 يوليو 2013 وكنا ننتظر الإعلان رسميا كى نعترف بها نحن ودول الاتحاد الأوروبى، وفجأة تحطم كل شىء أمام أعيننا دون سابق إنذار».
ولا يوجد بالكتاب نهائيا أى من هذا التزييف. وأنا لا أعرف كيف يمكن لأحد، حتى دون أن يقرأ الكتاب أن يصدق كلاما من هذا القبيل. فالذى فبرك هذا الكلام لم ينم إلى علمه أن هيلارى كلينتون لم تكن وزيرة للخارجية فى 30 يونيو، وبالتالى لم تكن تملك سلطة «وعد» مرسى ولا الاعتراف بالدولة الإسلامية ولا يحزنون! ثم ما علاقة منح حلايب وشلاتين للسودان وفتح السلوم على ليبيا بإعلان دولة الخلافة فى سيناء؟ إلا إذا كان المفبركاتى سيفتح الدول الثلاث على بعضها لاحقا!! ثم «أمريكا» تعلن الخلافة الإسلامية؟ وعلى حدود إسرائيل؟ ما الذى حدث للعقل والمنطق فى مصر؟!
وأنت لا تجد أيضا أثرا فى الكتاب لما قيل على لسان هيلارى كلينتون من أن مظاهرات 30 يونيو «دبرها الجيش».
لكن كتاب كلينتون يسهم، عبر تقديم وقائع بعينها، فى هدم أسطورة صنعها البعض وصدقها فى مصر وهى أن ثورة يناير مؤامرة أمريكية. فالكتاب قدم من الوقائع ما يوضح أن 25 يناير فاجأت أمريكا وأربكتها. وقالت كلينتون إن الإدارة وقتها «اهتمت بالمبادئ» لكنها خشيت من وصول الإخوان المسلمين للسلطة لو انهار نظام مبارك، ولم تشأ أن تبدو أمام حلفائها فى الخليج بمظهر من تخلت عن حليفها القديم.
ويحوى الكتاب أيضا ما يفند أسطورة دعم أمريكا للإخوان، حيث تروى بوضوح ما يؤكد أن العلاقة مع مرسى كانت علاقة براجماتية مع رئيس منتخب. فأمريكا صاحبة مصالح حيوية ومن ثم ستتعامل مع أى من كان فى الحكم فى مصر، رغم أنها كانت متوجسة طوال الوقت من الإخوان. وقد قالت هيلارى كلينتون نصا فى كتابها إن «الإخوان المسلمين فشلوا فى أن يحكموا بشكل شفاف وجامع، واصطدم مرسى مرارا بالقضاء وسعى لتهميش معارضيه السياسيين بدلا من أن يبنى إجماعا وطنيا واسعا، ولم يفعل الكثير لتحسين الوضع الاقتصادى، وسمح باستمرار اضطهاد الأقليات بما فى ذلك الأقباط». وتلك ليست لغة ولا لهجة من يدعم الإخوان أو يتعهد لهم بإعلان دولة الخلافة الإسلامية.

                      ---------------------------------------------

لتحميل كتاب هيلارى كلينتون "
خيارات صعبة Hard Choices

زقاق النت

زقاق النت

مواضيع ذات صلة:

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.