تحليلات| “تنظيم الدولة” أكثر “قوة واستقرارا” في الرقة مقارنة بالموصل؟


كشف مراسل صحيفة “القدس العربي” في اسطنيول، عبد الله العمري، أن “تنظيم الدولة” في سوريا يُنظر إليه بأنه أكثر قوة واستقرارا قياسا بالتنظيم نفسه في العراق. ويسيطر التنظيم في سوريا على مساحاتٍ شاسعةٍ معظمها ذو انتشار سكاني مكثف، ويحظى بقبولٍ بين السكان السوريين أكثر منه في مناطق سيطرته بالعراق.

ونقل عن “أبو ميسرة الشامي”، الذي عاش أشهر عدة في الموصل قبل عودته مؤخراً إلى الرقة، قوله إن البدائل أمام السكان في الشام عن تنظيم الدولة، هو النظام أو الفصائل المسلحة، ومع واقع أن النظام “لا يفرق في استهدافه للمدنيين السوريين مناطق سيطرة التنظيم عن مناطق سيطرة الفصائل الأخرى، يفضل السكان في غالبيتهم العيش في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الذي يتقدم كثيراً في إدارة المدن على الفصائل المسلحة الأخرى في جوانب مهمة، كالقضاء والشرطة والسيطرة على الأسعار، والأهم انحسار مستوى الجرائم المدنية كالقتل والسطو المسلح والاغتصاب والسرقة إلى مستويات متدنية جدا”.

ويقارن أبو ميسرة الشامي، وفقا لما أورده المراسل الصحفي، تلك الصورة عن التنظيم في الشام ويحاول إسقاطها على مشاهداته في مدن عراقية زارها وأقام فيها، فيقول: “حاول تنظيم الدولة أن تكون مدن سيطرته في العراق على ذات المستوى من الخدمات والاستقرار في الرقة، لكنه لم ينجح كثيرا لأن أغلب المدن تقع تحت حصار حكومي وقصف عنيف يستهدف المدنيين، كما ان أطراف معظمها هي خطوط أمامية للاشتباك مع العدو”، حسب تعبيره.

ويقول الكاتب، نقلا عن “أبو ميسرة الشامي”، إن تنظيم “الدولة” في سوريا يشن هجماته على معاقل النظام السوري ومواقع الفصائل المسلحة بعيدا عن مدن سيطرته، في حين يتخذ “تنظيم الدولة وضعا دفاعيا في العراق منذ أشهر عدة”.

من جانبه رأى أبو البراء العراقي، الموجود في مناطق شرق سوريا، كما كتب المراسل، أن “التحالفات العشائرية في سوريا أكثر عمقا منها في العراق، حيث إن غالبية العشائر السورية عاشت فترات طويلة تحت سيطرة الفصائل الأخرى قبل ان يسيطر على مناطقهم تنظيم الدولة، عانوا كثيرا من عشوائية إدارة مناطقهم والمحسوبية المنتشرة بين إفراد الفصائل وغياب الاهتمام بالجانب الصحي والتعليمي”.
ويضيف العراقي، كما نقل عنه المراسل، أن “تنظيم الدولة” استطاع “أن يثبت لأبناء المناطق في سوريا قدراته على إدارة المدن والمناطق بشكل يوحي لهم بأنه دولة تمتلك مقومات كافية لحمايتهم وإدارة شؤونهم كبديل عن عودتهم إلى سلطة النظام”.

ولفت العراقي إلى أن معظم قيادات و”ولاة” التنظيم هم من البلدات والمناطق نفسها التي يسيطر عليها التنظيم، وهو ما يعطيهم قدرة أكبر وقبولا أكثر بين السكان في تلك المناطق.

ونجح “تنظيم الدولة”، إلى حد ما، في إبعاد جبهات القتال عن المدن ذات الكثافة السكانية العالية في سوريا، وإبعاد مصادر النيران كالراجمات أو المدفعية بعيدة المدى وذلك بعد “اقتحامه الفرقة 17 ومطار الطبقة، ما أدى إلى استقرار نسبي وحرية تنقل بين المدن بشكل أقل خطرا قياسا بمناطق أخرى”، بحسب رأي العراقي.

أما الباحث المقرب من “تنظيم الدولة”، محمد الانباري، فيرى في اتصال خاص مع المراسل أن سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الرقة قبل شهور طويلة من سيطرته على مدينة الموصل العراقية، أتاحت للتنظيم فرصة أكبر لاحتواء المخالفين له والمعارضين لسياساته في الرقة من غير المسلحين، وقد حاول “تكرار تجربته في العراق مع الذين لم يحملوا السلاح ضده أو لم يثبت تعاملهم مع جهات يراها معادية، كالحكومتين في بغداد واربيل وكذلك الولايات المتحدة وغيرها، وهو ما حصل مؤخرا في قضاء الحويجة بمحافظة كركوك، حين أعلن عن اعتقال ما اسماها خلايا بعثية ونقشبندية منظمة ومصادرة كميات من الأسلحة كانوا ينوون استخدامها ضده بالتزامن مع هجمات تشنها القوات الكردية والصحوات والحشد الشعبي على القضاء، ومثل هذه الحالات غير موجودة على الساحة السورية”.

من ناحية أخرى، كما نقل مراسل صحيفة “القدس العربي”، يقارن الباحث العراقي عمر الفلاحي، المتخصص في متابعة قضايا التنظيمات الإسلامية، بين أولويات روسيا والولايات المتحدة في العراق وسوريا، بالقول “إن الأولويات لكل من روسيا والولايات المتحدة تختلف في العراق عما هي عليه في سوريا. فروسيا تضع المعارضة السورية المسلحة بشقيها الإسلامي وغير الإسلامي، وكذلك تنظيم الدولة، على قائمة أولوياتها في الضربات الجوية، في حين هناك أولوية واحدة للولايات المتحدة والتحالف الدولي تتمثل باستهداف تنظيم الدولة، وهي نقطة الالتقاء الوحيدة لكنها تبقى غير كافية لتوحيد جهودهما معا”.

ومع تعدد أطراف التحالف الدولي وتنوع أهدافه، تبرز هناك عدد من نقاط عدم الاتفاق داخل التحالف على أولويات محددة. فتركيا مثلا “لا ترى في تنظيم الدولة خطرا داهما متقدما على خطر الجماعات الكردية المسلحة، وهذه من النقاط التي يستفيد منها تنظيم الدولة إضافة إلى استفادته من تنوع الخصوم وتعدد الأولويات واختلاف الأهداف”، وفقا للباحث الفلاحي.


ويختم قائلا، وفقا لما نقله عنه المراسل الصحفي: “إن تنظيم الدولة يمتلك ما يكفي من الوقت في سوريا لاختيار زمان ومكان هجماته، على خلاف ما هو عليه في العراق، حيث إن خصومه أكثر قوة وتنظيما منهم في سوريا. كما إنه الفصيل الوحيد الموجود على الساحة العراقية جعله عرضة للضربات الجوية المكثفة التي أنهكت بعض قوته في وقت لم يتعرض التنظيم إلى مثل هذه الضربات في سوريا”.

زقاق النت

زقاق النت

مواضيع ذات صلة:

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.