أخيرا...
وبعد معاناة 3 أعوام... أدرك الثوار المصريون أن العدو الرئيس للثورة المصرية وللربيع
العربى وللأمتين العربية والإسلامية هو الحلف الصهيونى الأمريكى، لتسبق الثورة المصرية
نظيرتها التونسية فى معاداة ذاك الحلف البغيض المسئول عن التخلف والفقر والظلم والاستبداد
فى العالمين العربى والاسلامى.
دخلت الثورة
المصرية منعطفا هو الأهم على الإطلاق فى تاريخ مصر الحديث... بعد إغفال متعمد لقضية
الاستقلال عن الحلف الصهيونى الأمريكى طوال 40 عاما هى عمر الخنوع لأمريكا في عهد
السادات ومبارك، وإغفال لقضية الاستقلال على المستوى العام لأكثر من 130 عاما منذ
عهد الثورة العرابية التى حملت لواء تحرير مصر، لتخفت القضية وتظهر بعد ذلك على
فترات متواترة على أيدى الزعماء مصطفى كامل ثم محمد فريد ثم أحمد حسين، وحتى ثورة
1952 –او انقلاب اذا اردت- حيث اقتصرت قضية الاستقلال على مجرد شعارات يرددها جمال
عبدالناصر فى خطبه، حتى نكسة 1967 التى كسرت الزعيم وجعلته يستعين بطيب من CAI –وفقا لما كشفته أحدث الوثائق الأمريكية المفرج عنها أخيرا!
بعد ذلك جاءت حرب اكتوبر 1973 آخر الحروب العربية
الصهيونية، التى لم تكن نصرا مؤزرا للعرب كما نعتقد هنا فى مصر، فقد كان شارون على
بعد 100 كم فقط من العاصمة القاهرة، فى حين اننا لم نحرر من سيناء سوى 12 كم فقط
شرق القناة، وسرعان ما هرع السادات الى طاولة المفاوضات التى عارضها أخطر عقلية
وأفضل عسكرى انجبته العسكرية المصرية، الفريق سعد الدين الشاذلى، وعدد غير قليل من
قيادات الجيش غير ان احدا منهم لم يجرؤ على الجهر بالرفض سواه فكان جزاؤه النفى فى
صورة لبقة -التعيين سفيرا- ثم انجرف السادات سريعا نحو مزيدا من التبعية والعبودية
بزيارته للكنيست الصهيونى ليعلن عهدا جديدا من الانفتاح والتطبيع الرسمى بين مصر
الكنانة وعدوها الصهيونى، ثم اتفاقية السلام وكامب ديفيد التى أعلنت رسميا موت استقلال
مصر، ودخولها فلك التبعية.
وكان اختيار مبارك نائبا للسادات هو بداية الادارة
الفعلية للبيت الأبيض واسرائيل لمصر، فبعد اغتيال السادات وتولى مبارك رئاسة
الجمهورية كرست لمصر مكانها تحت الأقدام الصهيونية والأمريكية، وطوال 30 عاما صارت
التبعية للامريكان والصهاينة عملية ممنهجة وخيارا الزاميا وتعاونا استراتيجيا لمصر
على كافة المستويات، وان كان اخطرها على الاطلاق المستوى العسكرى، والحديث عن
خطورة التبعية على المستوى العسكرى تحدث عنها الاساتذة الكبار مجدى حسين ومحمد سيف
الدولة، ويكفى ان نشير الى ان العقيدة القتالية للجيش المصرى تغيرت جذريا الى نحو
معاداة اى مشروع مقاوم لأولياء النعم الامريكان والصهاينة –بالنسبة لقادة الجيش- وتحولت
اسرائيل من عدو ابدى الى حليف استراتيجى، واقتصرت مهمة الجيش على بناء الطرق
وصناعة المربى واستخراج المياه المعدنية وزراعة الكانتلوب!!
غير أن اخطر ما فى التبعية على المستوى العسكرى واظهرته
الايام الاخيرة، هى تحول الجيش من حامى حمى حدود مصر، الى عصبجى مأجور يحمى مصالح
امريكا واسرائيل، وبلطجى مجرم يدافع عن "عرقه" ولا يألو جهدا فى قتل
الالاف من ابناء الشعب شريطة ان يحافظ على مدخراته واقتصاده الذى يتخطى 40% من
ميزانية الدولة، وبايعاز الى عبيده وكلابه فى وسائل الاعلام، حوّل الكراهية
الموجودة داخل المجتمع المصرى المقهور من ظلاميه وجلاديه الى حماس وغزة.
وبعد ثورة 25 يناير، لعب جيش كامب ديفيد دورا محوريا فى
الاحتواء الامريكى للثورة، بل كان هو الاراجوز الذى استخدمته امريكا لتجنب مخاطر
الثورة التى لم تكن تتوقع امريكا حدوثها، وكان اغفال قضية الاستقلال عاملا رئيسيا
مساعدا فى هذا الاحتواء حتى حدث الانقلاب على الثورة، اى ان امريكا فؤجئت بالثورة
فاستدركت امرها بأن امرت رجلها المخلص فى مصر –الجيش- بأن يلعب دور زكى رستم ويظهر
لنا كالاب الحنون على الثورة والثوار، ولحداثة عهدنا وللصورة المغلوطة لنا عن الجيش،
صدقنا الدور الذى لعبه الجيش رغم انه فض اعتصام التحرير فى نفس شهر تنحى المخلوع
العميل رئيسهم مبارك، وسعى فى الارض ليبث الفرقة بين الفرقاء الثوريين الذين كان
طمعهم وحبهم للسلطة والمنصب كفيلا ببذل الجيش القليل من الجهد للتفرقة.
وبعد دور زكى رستم، والتفرقة بين الثوار، وكرئيس عصابة،
امرت امريكا عملائها بالمؤسسة العسكرية بالانقلاب على ارادة الشعب لتكسر هذه
الارادة التى تجرأت على التمرد على رجلها مبارك.
وحتى وقت قريب، كانت العلاقة بين الثوار وامريكا مجرد
عتاب على دعمها الانقلاب، حتى تحولت الدفة بشكل مغاير، وادرك المصريون أن العدو
الرئيس لثورتهم ولدينهم ووطنهم هو الحلف الصهيونى الامريكى وان السيسى وعصابة الـ
19 حرامى وكبار قيادات جيش كامب ديفيد ماهم الا ادوات قذرة فى يد اسيادهم الامريكان
والصهاينة، وصار مشهد حرق العلم الامريكى والعلم الصهيونى من المشاهد المألوفة فى
التظاهرات اليومية الرافضة للانقلاب.
بيد أن أهم نقطة فى التحول المغاير، هى ما جاء فى بيان
التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، الخميس، والذى دعا فيه الثوار والأحرار
من أبناء الشعب المصري إلى التصعيد الثوري السلمى المبدع فى مقاومة الانقلاب خلال أسبوع
"الصمود وفاء للشهداء".
وواصل التحالف فى بيانه مخاطباً الثوار والثائرات :
" اليأس خيانة ، والنصر من عند الله وحده ، وهاهو حراككم الثوري يتطور يوما بعد
يوما ، وتكسبون خبرات ثورية مبشرة ، فلنستكمل الثورة في أسبوع ثوري غاضب بداية من غد
الجمعة تحت عنوان " الصمود ..وفاءً للشهداء" في كل أرجاء الوطن، ولتصنعوا
ما تشاءون في ضوء المقاومة السلمية المبدعة، ولتحرقوا صور السفاح وأعلام أمريكا والعدو
الصهيوني والإمارات . والله أكبر.. فليسقط النظام : عسكر قضاء إعلام ..ثورة واحدة
.. دم واحد .. قاتل واحد"
من هنا... وبعد حرق العلمين الصهيونى والامريكى وبعد
بيان التحالف الداعم للشرعية –باعتباره كيان رسمى للكتل الرافضة للانقلاب- نستطيع
ان نقول: الثورة اخيرا عرفت عدوها... وان التحرر والاستقلال بات أقرب مما نتخيل، فمعرفة
العدو الحقيقى هى اول خطوة على طريق الانتصار، ولنعرف دوما ان طريق الاستقلال يجب أن تمهده
الدماء، وان السجون التى يخوفوننا بها لن تزيدان الا اصرارا على الحصول على
الاستقلال، فكما يقول الشاعر:
ليس عارا مبيتنا فى السجون ******
انما العار ان نبيت عبيدا
حرق العلمين اليوم فى امبابة والوراق وديرمواس وبعض الفيديوهات من المسيرات
عبدالرحمن كمال
yonis_614@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق