
عبدالرحمن كمال - بوابة يناير:
بات من المؤكد أن نظام السيسي يتعامل مع مصر على انها «ثكنة عسكرية»
يحق له أن يفعل بها ما يشاء وقتما يشاء، وأن الـ90 مليون مصري ما هم إلا جنود مجندة
في خدمة أركان النظام والتسرية عنهم، تارة بالقتل وأخرى بالنصب وكثيرا بالسرقة.
حادثة الدرب الأحمر ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، في ظل حكم رئيس
ضحى بمقدرات الدولة ومنحها للقوات المسلحة، المؤسسة التي قدمته للحكم، من أجل ضمان
استمراريته في منصبه، الواقع والتاريخ يخبرانا بذلك.
الحادث لن يكون الأخير، في ظل دعم السيسي لمثل هذه الانتهاكات، ألم
يقل لبلطجية الداخلية في مقر أكاديمية قبل شهور: “أنا مش جاي اتكلم عن التجاوازت، أنا
جاي أشكركم” فنحن امام رئيس يكرس لقتل الشعب الذي لطالما تغنى الإعلام أنه منقذه، وفي
ظل وضع كهذا، فعلينا ان نتوقع أن القادم أسوأ.
في تحفته الخالدة، يقول عبدالرحمن الكواكبي: “إنَّ الحكومة من أيّ
نوع كانت لا تخرج عن وصف الاستبداد؛ ما لم تكن تحت المراقبة الشَّديدة والاحتساب الّذي
لا تسامح فيه، ومن الأمور المقرَّرة طبيعةً وتاريخاً أنَّه؛ ما من حكومة عادلة تأمن
المسؤولية والمؤاخذة بسبب غفلة الأمّة أو التَّمكُّن من إغفالها إلاّ وتسارع إلى التَّلبُّس
بصفة الاستبداد، وبعد أنْ تتمكَّن فيه لا تتركه وفي خدمتها إحدى الوسيلتين العظيمتين:
جهالة الأمَّة، والجنود المنظَّمة. وهما أكبر مصائب الأمم وأهمّ معائب الإنسانية، وقد
تخلَّصت الأمم المتمدُّنة ـ نوعاً ماـ من الجهالة، ولكنْ؛ بُليت بشدة الجندية الجبرية
العمومية؛ تلك الشّدة التي جعلتها أشقى حياةً من الأمم الجاهلة، وألصق عاراً بالإنسانية
من أقبح أشكال الاستبداد، حتَّى ربَّما يصحّ أن يقال: إنَّ مخترع هذه الجندية إذا كان
هو الشّيطان؛ فقد انتقم من آدم في أولاده أعظم ما يمكنه أنْ ينتقم!” انتهى الاقتباس.
الفقرة السابقة من كتاب “طبائع الاستبداد” تعتبر تفصيلا دقيقا لما
حل بمصر، فنحن امام نظام لا يرقب في مصري إلا ولا ذمة، نظام يرعى قتلة الشعب، ويقرب
البلطجية منه، ولا يسمع إلا لمن يطيعه طاعة عمياء.
الجندية التي شن عليها الكواكبي هجوما حادا، متمثلة اليوم في وزارة
الداخلية، اليد الباطشة للسيسي، واذا طبقنا وصف الكواكبي للجندية لتيقن لنا أن أفراد
الشرطة هم من حدث عنهم الكواكبي، وان كانوا ليسوا فقط من قصدهم.
يقول الكواكبي: “أما الجندية فتُفسد أخلاق الأمّة؛ حيثُ تُعلِّمها
الشّراسة والطّاعة العمياء والاتِّكال، وتُميت النّشاط وفكرة الاستقلال، وتُكلِّف الأمّة
الإنفاق الذي لا يطاق؛ وكُلُّ ذلك منصرف لتأييد الاستبداد المشؤوم: استبداد الحكومات
القائدة لتلك القوَّة من جهة، واستبداد الأمم بعضها على بعض من جهة أخرى.”
منذ 30 يونيو 2013، والشرطة تتعامل مع المصريين على انهم عادوا مرة
اخرى عبيدا، والجميع يعلم حالة العداء من الشرطة لثورة 25 يناير وكل ما انتسب اليها،
وهو ما ولد لدى الشرطة ضباطا وأفرادا وهيئة وجهازا، نوع من الثأر والرغبة في الانتقام
من هذا الشعب، لمجرد انه فكر للحظة ان يتمرد على بلطجة وفساد واستبداد الحاكم وأعوانه.
في مصر السيسي.. الدرب أحمر، بلون دماء المصريين الذين قتلهم تارة
ببلطجة الداخلية، وأخرى بسيف القضاة، وثالثة بالاغتيال الاعلامي، ورابعة بالقصف والتهجير.
لكن، الليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر، وإذا كان السيسي -كأي
مستبد- يضع كعب رجله على أفواه الملايين من النَّاس يسدُّها عن النّطق بالحقّ والتّداعي
لمطالبته، وإذا كان إخفاق الثورة -حتى الان- في الوصول لمقاليد الحكم هو السبب الرئيس
في استمرار استبداد الحاكم وبلطجة داخليته، فإنا نبشره وزبانيته بيوم تشخص فيه أبصار
عصبته.
وحتى يحين ذلك اليوم، سيبقى الدرب في مصر أحمر.
--------------
تنويه : العنوان مأخوذ من تدوينة للإعلامي النابه أحمد طه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق