كتب: عبدالرحمن كمال - بوابة يناير:
بعد 20 عاما من المذابح، قضت محكمة الأمم المتحدة المتخصصة بجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة، الخميس، بسجن الزعيم السابق لصرب البوسنة رادوفان كراديتش 40 سنة، وذلك بعد إدانته بإحدى عشرة تهمة.
الحكم الذي أصدرته المحكمة أعاد إلى الأذهان من جديد التساؤل حول مدى إمكانية مثول أركان نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام المحاكم الدولية، لاسيما بعد ارتكابه العديد من المجازر منذ أحداث 30 يونيو، وتنامي حالات القمع والتنكيل والتعذيب التي صارت منهجا متبعا من قبل النظام.
جرائم كراديتش
وقال أو-غون كوون القاضي في المحكمة بلاهاي إن “المحكمة حكمت على رادوفان كراديتش بالسجن 40 عاما”، حيث أدين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، ومنها القتل العمد وحصار سراييفو 36 شهرا وقصفها ومحاولة تطهير البوسنة والهرسك من المسلمين والكروات.
كما حملت المحكمة كراديتش (70 عاما) المسؤولية الجنائية عن إعدام قواته نحو 8000 رجل بمجزرة سربرنيتشا عام 1995، بينما برأته من تهمة الإبادة الجماعية في سبع بلدات في البوسنة، حيث كانت لائحة الاتهام تتضمن 11 تهمة.
ورغم تورطه بمقتل آلاف البوسنيين، كان كراديتش قد قال للقضاة في أواخر عام 2012 “لقد قمت بكل ما كان ممكنا من أجل تفادي الحرب والتخفيف من العذاب البشري”.
الدبلوماسي الأميركي السابق ريتشارد هولبروك، مهندس اتفاقات دايتون التي وضعت حدا للحرب في البوسنة، فيعتبر كراديتش “أحد أسوأ” الرجال في العالم. وعلق هولبروك عقب توقيف كراديتش قائلا “كان يؤمن فعلا بالنظريات العنصرية … كان سيصبح نازيا جيدا”.
وجرائم نظام السيسي
منذ 30 يونيو 2013، وفاتورة الدم تزداد، بدأت بما قبل 30 يونيو في أحداث المنصة (تفويض السيسي) وقبلها الحرس الجمهوري وأحداث المنصورة، ثم كانت الذروة في مجازر السيسي في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والتي راح ضحيتها حوالي 1000 قتيل وفقا لتقديرات دولية، في حين تقول بعض التقديرات أن القتلى في مجزرة الفض وحدها يتجاوز 2000 قتيل، وهو الذي وصفته “واشنطن بوست” الأمريكية بأنه اليوم الأكثر دموية فى تاريخ مصر.
عربة ترحيلات سجن ابو زعبل مات فيها أكثر من 30 شخصا اختناقاً ، ثم واقعة القتل يوم 6 أكتوبر على مشارف التحرير الذي امتلأ وقتها بمؤيدي السيسي الذين تراقصوا على أنغام الموت.
ناهيك عن الانتهاكات الطلابية في الجامعات المصرية، في ذكرى ثورة 25 يناير الثالثة في عام 2014، و الدفاع الجوي ضد جماهير الزمالك.
انتهاكات نظام السيسي لم تفرق بين الإسلاميين وغيرهم، فكما استشهدت أسماء البتاجي وهالة أبوشعيشع وحبيبة عبدالعزيز استشهدت ميادة أشرف وشيماء الصباغ.
كل ذلك بعيداً عن حالات الاختفاء القسري، والتعذيب في أقسام الشرطة، وأعداد المعتقلين التي تفوق 60 ألف معتقلا دون وجه حق في سجون السيسي حسب تقديرات منظمات حقوقية مصرية ودولية ..
«قشة» حقوق الإنسان
ربما يكون ملف حقوق الإنسان هو القشة التي ستقصم ظهر السيسي ونظامه، بعد تصاعد حدة اللهجة الغربية ضد الانتهاكات المتكررة في ملف الحريات العامة وحقوق الإنسان ..
وكانت قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني هي السبب الرئيسي في إجبار الغرب على رؤية انتهاكات نظام السيسي لحقوق الإنسان في مصر، بعد العثور على جثته في القاهرة وعليها آثار تعذيب لا يخرج إلا من جهاز الشرطة.
البرلمان الأوروبي أصدر بيانا محرجا للسيسي ولنظامه أكد فيه أن قضية ريجيني، ليست حادثة منعزلة، ولكنها حدثت في سياق من التعذيب والقتل والإخفاء القسري في مصر في السنوات الأخيرة، وأن عملية قتل ريجيني هي رسالة تقشعر منها الأبدان، وأنها ناجمة عن مناخ يسمح لقوات الأمن المصرية بالإفلات من العقاب إزاء مثل هذه الحالات.
التصريح الأهم حول انتهاكات حقوق الإنسان التي يتركبها نظام السيسي، كانت علي لسان جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، الذي قال في بيان أصدرته الخارجية الامريكية “إن القرار الذي اتخذته الحكومة المصرية الأسبوع الماضي بالتحقيق مع المنظمات غير الحكومية التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان يأتي في سياق أوسع من الاعتقالات وترهيب المعارضة السياسية والصحفيين والناشطين وآخرين”.
بريطانيا هي الأخرى أعربت عن قلقها الشديد من الاعتقالات والتعذيب وأوضاع المجتمع المدني في مصر، ونشر “جون كاسن”، السفير البريطاني لدى القاهرة من خلال تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي بموقع التغريدات القصيرة “تويتر” تصريح بريطانيا في الأمم المتحدة، والذي يعبر عن “القلق الشديد، من الاعتقالات والتعذيب في مصر وأوضاع المجتمع المدني”.
ماذا بعد؟
محكمة الأمم المتحدة حكمت على كراديتش (70 عاما) بالسجن 40 عاماً بعد اتهامه بإعدام قواته نحو 8000 رجل بمجزرة سربرنيتشا عام 1995.
فهل ننتظر 20 عاما قبل أن يتم محاسبة أركان نظام السيسي أمام المحاكم الدولية؟ أم أن الأمر كله لا يعدو «هرتلة» وحلم يقظة وتعليق آمال فاشلة على الغرب؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق