المؤتمر الاقتصادي... ثرثرة وفشل وتسول باسم مصر


وسط انتقادات واسعة وتنبؤات بالفشل من جانب خبراء اقتصاديين وصحف دولية، انطلق اليوم مؤتمر مصر الاقتصادي بمدينة شرم الشيخ، الشهيرة إعلاميا بمدينة مبارك، والذي من المقرر له أن يستمر ليومين على أن ينتهي في 15 من مارس الجاري، بمشاركة نحو 64 دولة، ونحو 25 منظمة إقليمية ودولية في المؤتمر، معظمها دول إفريقية، حيث تشارك بأكثر من 39 دولة.

واقع سيئ

وتنعقد القمة الاقتصادية وسط ارتفاع عجز الموازنة المصرية إلى حدود 14% العام الماضي مقارنة بـ9% عام 2013، إلى جانب تآكل احتياطي النقد الأجنبي من نحو 19 مليار دولار بعد انقلاب يوليو/ تموز إلى نحو 15 مليارا نهاية العام الماضي، ووصول معدلات التضخم إلى 11% نهاية العام الماضي مقارنة بـ10% في العام الذي سبقه.

بدأ المؤتمر بكلمة لعبد الفتاح السيسي دعا فيها الشركات والمؤسسات للتعرف على فرص الاستثمار في مصر، في حين قال معارضوه إن المؤتمر لا يمكن أن يكتب له النجاح في أجواء التوتر السياسي والأمني التي تعيشها البلاد.

وتعهد السيسي بالعمل على تهيئة مناخ مناسب للاستثمار والتصدير، عبر حزمة من الإصلاحات التشريعية ومعالجة العقبات التي تعترض هذا القطاع، في الوقت الذي يرى خبراء مال غربيون ومستثمرون عرب، أن تحديات الاضطرابات السياسية والأمنية، تقف حائلاً أمام ذلك، ووسط تأكيدات الصحف الدولية عن قلقها من توتر الأوضاع الأمنية، التي تعكسها سلسلة التفجيرات الأخيرة، التي استهدفت مكاتب وشركات تجارية.

الصحافة العالمية

صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أعربت عن قلقها إزاء سلسلة التفجيرات الأخيرة، التي استهدفت مكاتب شركات الهاتف المحمول الدولية، بينما أنذرت مكاتب التجارة الغربية من الخطر قبل المؤتمر.

أما صحيفة صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فقالت إن المؤتمر الاقتصادي تجاهل العامل البسيط، مشيرة إلى أن هناك  تخوفات  تسيطر على العمال المصريين، من أن يتكرر معهم نفس المشاكل الاستثمارية التي واجهتهم خلال عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وأشارت الصحيفة، في سياق تقرير لها إلى أن التخوفات تزامنت مع فعاليات المؤتمر الاقتصادي الذي تتبناه مصر، أملًا في دفع العجلة الاستثمارية والاقتصادية.

أما صحيفة نيويورك تايمز، فقالت إن المؤتمر الاقتصادي يحدد مصير شرعية السيسي في مصر. وعلقت الصحيفة البريطانية على مدى أهمية المؤتمر الاقتصادي، مشيرة إلى أنه يحدد مصير شرعيته.

شعور بالسخط

وتوقع  المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية أن إحداث  تحول اقتصادي مستدام في مصر يتطلب مواجهة الكثير من المشاكل الأساسية مثل "تفشي الفساد ومحاباة الأقارب وعدم اليقين القانوني".

وأشار تقرير المعهد - الذي يعتبر أهم مركز بحثي من نوعه في جمهورية ألمانيا الاتحادية، والمقرب من دوائر صناع القرار في ألمانيا - إلى أنه "دون معالجة هذه المسائل، فإن جني ثمار النمو الاقتصادي سيكون محدودًا، الأمر الذي يؤدي إلى تزايد الشعور بالسخط بين شرائح كبيرة من السكان".

نتائج غير ملموسة

وقال ممدوح الولي، الخبير الاقتصادي، ونقيب الصحفيين السابق: إن تقرير صندوق النقد الدولي حول الاقتصاد المصري، والصادر في الحادي عشر من الشهر الماضي، توقع بلوغ قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى مصر، خلال العام المالي الحالي 2014/ 2015 نحو 6.9 مليارات دولار، وعدم توقع نتائج ملموسة تحسن من وضع الاقتصاد المصري بعد المؤتمر الاقتصادي المنعقد في شرم الشيخ.

وأشار الولي إلى أن وزير الاستثمار أشرف سالمان قد توقع بلوغ الاستثمار الأجنبي الوارد خلال العام المالي الحالي 8 مليارات دولار، بذلك تكون توقعات صندوق النقد، أقل من الرقم المتوقع، وبافتراض تكرار نفس معدلات استثمارات الربع الأول من العام المالي والبالغة 1.7 مليار دولار في باقي فصول العام، فإنها ستكون أقل أيضا مما توقعه وزير الاستثمار.

لا تحسن ملحوظا

وبخصوص الاستثمارات التي وعدت بها كل من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات بالمؤتمر اليوم، أكد مصطفى عبدالسلام أن قيمتها 12 مليار دولار مقسمة لـ4 مليارات دولار لكل دولة، وهي تلبي الحد الأدنى المطلوب من حكومة إبراهيم محلب والتي وعدت به سابقا عن المؤتمر وراهنت عليه.

وأكد أن هذه الاستثمارات الخليجية لخصت المؤتمر في الدعم الخليجي لمصر، قائلا إنه لا يتوقع مزيدا من النجاح للمؤتمر، لافتاً إلى أن هذه الدول التي تدعم النظام الذي جاء بعد 3 يوليو منذ بدايته وسبق وقدمت أكثر من 30 مليار دولار لمصر لم تسفر مساعداتها عن أي تحسن ملحوظ للاقتصاد المصري أو للمواطن البسيط.

مؤتمر لبيع مصر

ووصف المستشار وليد شرابي، المتحدث باسم جبهة قضاة من أجل مصر، المؤتمر الاقتصادي بأنه "مؤتمر لبيع مصر وليس لجذب الاستثمارات"، متسائلاً عن إمكانية نجاح المؤتمر، في ظل أجواء وصفها بالمضطربة، مفصلًا: "أجواء تملؤها الانفجارات بالإضافة إلى أزمة الوقود التي تعصف بمصر، وانتحار الشباب اليائس".

وأضاف شرابي : أي مستثمر سيفكر قبل القدوم لبلد يمر بأزمة اقتصادية طاحنة، جعلت العسكر وإعلامهم يتسولون الخليج على شاشات الفضائيات، مضيفًا أن الحكومة "لا تجد من يقرضها أموالًا لسد عجز الموازنة، فتسطو على مدخرات المصريين وتقترض من البنوك المصرية بصورة ممنهجة".

مصالحة لأجل مصر

وقال الكاتب والصحفي فهمي هويدي لو أن الجبهة الداخلية في مصر كانت أكثر تماسكا واستقرارا لتوقعنا نجاحا أكثر للمؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في بداية الأسبوع المقبل، مؤكدا أن الأولوية الآن التي ينبغي أن تعطى هي للمصالحة مع المجتمع وليس المصالحة مع الإخوان؛ لأجل مصر وليس لأجل المؤتمر الاقتصادي.

أزمات طاحنة

ويرى خبراء آخرون أن أبرز معالم فشل المؤتمر الاقتصادي هي الازدحام الذي تشهده محطات التمويل، وشح أسطوانات الغاز، وأزمة انقطاع الكهرباء، والارتباك الشديد التي تشهده البلاد منذ 25 يناير الماضي.

تناقضات

وكانت تصريحات وزراء حكومة إبراهيم محلب حول الاستثمارات المتوقعة من المؤتمر قد تفاوتت بين 8 - 15مليار دولار، فقد توقع وزير المالية هاني قدري في وقت سابق أن يجذب المؤتمر استثمارات من 8 – 10 مليارات دولار، بينما توقع اليوم وزير الاستثمار أشرف سالمان أن يجذب المؤتمر من 10 - 15مليار دولار.

بدورهم كشف خبراء الاقتصاد أن أبرز دليل على تخبط الحكومة هو تناقض تصريحات الوزراء حول الاستثمارات المتوقعة من المؤتمر، والتي بدأت قبل أشهر بأكثر من 40 مليار دولار وانتهت اليوم لـ 10مليارات دولار.

----------------

المصادر

  1. العربي الجديد |  المؤتمر الاقتصادي: ثرثرة في شرم الشيخ

  2. الجزيرة نت | السيسي يفتتح مؤتمر شرم الشيخ بالدعوة للاستثمار ببلاده

  3. رصد | المؤتمر الاقتصادي بعيون الصحافة العالمية والمصرية

  4. رصد | انطلاق مؤتمر مصر الاقتصادي الآن

  5. رصد | المعهد الألماني: المؤتمر الاقتصادي سيفشل إذا لم تحارب مصر الفساد

  6. الجزيرة نت | مصر تحتضن اليوم مؤتمرا لجذب المستثمرين بشرم الشيخ

  7. فهمي هويدي | رأي آخر في مأزق السياسة المصرية

  8. رصد | تخبط تصريحات الوزراء حول الاستثمارات المتوقعة من المؤتمر

  9. ممدوح الولي | توقعات دولية بنتائج غير ملموسة لمؤتمر شرم الشيخ

  10. رصد | خبير اقتصادي: المواطن الفقير غاب عن المؤتمر

  11. رصد |  وليد شرابي: المؤتمر الاقتصادي لبيع مصر لا لجذب الاستثمارات

  12. عربي 21 | الأرقام الاقتصادية الصعبة قبل المؤتمر الاقتصادي في مصر

  13. المصريون | اقتصاديون: لهذه الأسباب.. الفشل يهدد المؤتمر الاقتصادي


زقاق النت

زقاق النت

مواضيع ذات صلة:

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.