أكدت مجلة “إيكونوميست” البريطانية أن الأسابيع القليلة
المقبلة –ومدى سرعة تجاوب الاقتصاد مع قرار رفع العقوبات- ستكون حاسمة في تحديد الاتجاه
الذي ستأخذه إيران خلال السنوات المقبلة.
الشهر المقبل تصوت البلاد
أيضا لانتخاب أعضاء مجلس الخبراء، وهي اللجنة التي ستختار المرشد الأعلى المقبل، الذي
تتفوق صلاحياته على سلطة الرئيس.
وعلى الرئيس روحاني، الذي
يتطلع إلى كسب ثقة المصوتين مرة أخرى في انتخابات العام القادم، التغلب على آثار عزلتها،
غير أن المهمة لن تكون سهلة. ويقول “رامين ربيع” الذي يدير شركة استثمار إيرانية:
“لقد استغرق الأمر سنوات لفرض العقوبات وإزالتها ستكون عملية طويلة”.
وتشكو البنوك الأجنبية،
وبعضها تواجه غرامات عنيفة جدا لأنها سهلت التجارة مع إيران، من التناقضات في قوائم
العقوبات الرسمية التي نشرتها مختلف البلدان، وتتخوف من أنها قد تواجه مرة أخرى المحاكمة
بتهمة انتهاك عقوبات لا تزال قائمة أو أخرى جديدة.
ما تستفيده إيران عاجلا
هو وقف تجميد أصولها في الخارج، والتي لا تقل قيمتها عن 32 مليار دولار (وفقا لتقديرات
المسؤولين الأميركيين فإن القيمة تصل إلى 55 مليار دولار، وآخرون يقدمون أرقاما مرتفعة).
وتعتزم إيران إنفاق جزء من هذا على السكك الحديدية والمطارات والطائرات، وهي قريبة
من التوصل إلى اتفاق مع شركة “ايرباص” لشراء 114 طائرة جديدة، وتقول إنها تحتاج إلى
400 منها.
وأكثر ما يتبقى المال،
كما يقول مسؤولون إيرانيون، سيساعد على فرز البنوك في البلاد، والتي دُفعت إلى حافة
الإفلاس، إن لم تكن كذلك، من قبل الإدارة السابقة لمحمود أحمدي نجاد.
وبعض النقاد متخوفون من
أن المال سيُستخدم لتمويل الإرهاب والتشدد الشيعي في الخارج بدلا من إصلاح وتطوير اقتصاد
البلد.
وتأتي المنفعة السريعة
الأخرى من إعادة قبول إيران في شبكات النظام المصرفي والدفع العالمية مثل SWIFT. وهذا سوف يساعد على خفض تكلفة الواردات،
ففي السنوات الأخيرة، لم يتمكن رجال الأعمال الإيرانيين من الحصول على خطابات الاعتماد.
ونتيجة لذلك كان عليهم أن يدفعوا مقدما القيمة الكاملة للواردات. وإنهاء هذه القيود
يمكن أن يضيف ما يصل إلى نقطة مئوية في النمو السنوي، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
في حين أن الصناعة قد تستفيد في غضون أشهر.
وبعد فترة، ينبغي على إيران أن تكون قادرة على جذب
الاستثمارات الأجنبية، التي تراجعت في السنوات الأخيرة. ومن بين عوامل الجذب في إيران
هي فئة الشباب، وهم متعلمون جيدا ويقيمون بنسب كبيرة في المدن. وقد غمرت الوفود الأوروبية
إ طهران في الأشهر 18 الماضية، لكنها لا تزال بحاجة إلى الاقتناع بأن البلد مستقر سياسيا
ومرحب بالاستثمارات.
والصناعات الأكثر جذبا
هي الطعام والشراب والأدوية وغيرها من السلع الاستهلاكية. وكثير من الإيرانيين يريدون
المنتجات الأوروبية بدلا من الصينية التي سيطرت على السوق في ظل العقوبات. كما تستعد
سلاسل الفنادق الأجنبية أيضا للاستثمار.
ورأى مقال “إيكونوميست”
أن أكبر جائزة للمستثمرين يمكن أن تكون صناعة السيارات. ذلك أنها توظف مئات الآلاف
من العمال، ولكن ما تصنعه غير مطابق للمواصفات. ويتوقع البعض أن يتمكن الإنتاج من استرجاع
عافيته بحلول نهاية هذا العام ويصل إلى 1.6 مليون من المركبات، ويتطابق بهذا مع ذروة
الإنتاج التي تحققت في عام 2011. وشركتا “رينو وبيجو”، التي لديها تاريخ طويل في إيران،
قد عادا بالفعل إلى إيران.
وقالت “إيكونوميست” إن
أولوية الحكومة هي، على الأرجح، زيادة إنتاج النفط التي يشكل 17٪ من الناتج المحلي
الإجمالي و30٪ من دخل الحكومة في عام 2014 بـ500 ألف برميل يوميا، ليصل إلى نحو
1.5 مليون برميل، في الوقت الذي يأمل فيه العودة إلى إنتاج 3– 4 مليون برميل يوميا
كما كانت عليه قبل فرض العقوبات. ولكن بسبب تراجع الأسعار العالمية، فسيكون النفط أقل
مما هو مأمول منه كبقرة حلوب، وسوف تكافح إيران للحصول على استثمارات من شركات النفط
العالمية المثقلة بالديون.
الاقتصاد الإيراني هو أكثر تنوعا من منتجي نفط آخرين
في المنطقة، مثل المنافس الإقليمي، السعودية. وقد أشارت التقديرات إلى أن الناتج المحلي
الإجمالي قد ينمو بنسبة 5-8٪ في السنة، رغم ضعف أسعار النفط.
وبصرف النظر عن رفع العقوبات،
يدرك فريق الرئيس روحاني بأنه يحتاج إلى معالجة مجموعة من المشاكل في الاقتصاد الذي
تضرر كثيرا في عهد أحمدي نجاد.
مع ملاحظة أن الفساد منتشر،
إذ صنفت منظمة الشفافية الدولية، ومقرها برلين، إيران في المرتبة 136 في مؤشرات الفساد.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن البنك الدولي يضع إيران في المرتبة 118 وفقا لمؤشره في سهولة
ممارسة أنشطة الأعمال. كما إن أسواق المال تحتاج إلى نمو، كما تحتاج الشركات إلى الحصول
على التمويل، هذا بالإضافة إلى انتشار البطالة وانخفاض إنتاجية العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق