رجل أوروبا المريض هو اللقب الذي إشتهرت به الدولة العثمانية منذ منتصف القرن التاسع عشر. وهو اسم أطلقه قيصر روسيا نيكولاي الأول على الدولة العثمانية سنة 1853 م بسبب ضعفها، ودعا بريطانيا أن تشترك معه في اقتسام أملاك الدولة , ثم شاع هذا الاسم بعد ذلك, و استعملته الدول الأوربية الأخرى.
رحلت الدولة العثمانية، ورحلت روسيا القيصرية، بل ولم تعد أوروبا قوى عظمى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن بقى الوصف موجود، بعد ان تحولت دفته من الدول العثمانية إلى الدول العربية.
القمة العربية الأوروبية التي عقد في شرم الشيخ، بتنظيم ورعاية ودعاية مصرية، بعد ايام قليلة من إعدام 9 مصريين معارضين للنظام بتهمة قتل النائب العام وسط محاكمة جائرة وتفتقر إلى أي إجراءات عادلة، هذه القمة تثبت أن دول اوروبا تتعامل الان مع مصر من منطلق أنها الرجل المريض، الذي يتكالب الجميع على استغلال حالته المذرية لتحقيق اكبر قدر ممكن من نهب ثرواتها وإفقار شعبها.
السيسي أتقن اللعبة
مهما كانت الآراء في عبدالفتاح السيسي رئيس النظام الحاكم، فلا يجب أن ننكر أنه يجيد التملق بشكل مذهل، وهو على استعداد للتخلي عن كل مقدرات وثروات مصر مقابل البقاء في الحكم.
كما أنه تيقن تماما أن الغرب الرأسمالي المتوحش لا يعنيه سوى حلب الدول الأخرى وتحقيق أكبر قدر من المكاسب، حتى لو كان ذلك على حساب ما يدعيه الغرب نفسه من شعارات ومبادئ اتضح زيفها، مثل حرصهم على حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات والديموقراطية.
مستوى الحضور الأوروبي كان كبيرا في هذه القمة، وهو ما يعكس رغبة أوروبية بانفتاح أكبر على الدول العربية، وتعزيز العلاقات التجاريّة والأمنيّة، خاصة أن حجم التجارة البينية بين أوروبا والمنطقة العربية يعادل حجم تجارة ثلاث دول مُجتمعة هي روسيا والصين والولايات المتحدة، ولهذا تحرِص الدول الأوروبية على تعزيز هذا التعاون الاقتصادي مع حكام العرب في ظل الحروب التجاريّة التي يشنها الرئيس الأمريكي ترامب على أكثر من جبهة في العالم ومن ضمنها أُوروبا.
مصر سوق استهلاكي
من واقع الأرقام والبيانات المعلنة عن حجم التجاربة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، سيتضح لنا ان الغرب يتعامل مع مصر بوصفها سوق استهلاكي يبتلع منتجاب اوروبا، من منطلق أنها رجل مريض لا يقدر على المنافسة خارجيا، او حتى حماية صناعته المحلية داخليا.
بيانات هيئة الإحصاءات الأوروبية (يورو ستات) تؤكد ما ذكرناه، فقد حقق الاتحاد الأوروبي فائضا مستمرا ومتزايدا، في تجارته السلعية مع مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، ليصل هذا الفائض إلى حوالي 91 مليار يورو خلال السنوات العشر الممتدة من عام 2009 وحتى 2018، بمتوسط سنوي يبلغ تسعة مليارات يورو.
وتزايدت قيمة الفائض الأوروبي الذي يمثل في نفس الوقت عجزا تجاريا بالنسبة لمصر، من 3.3 مليار يورو عام 2007 إلى ما يقرب من 14 مليار يورو خلال عام 2016، ثم تراجع الفائض الأوروبي قليلا إلى أقل من 12 مليار يورو عام 2017، ثم لأقل من 11 مليار يورو في العام الماضي.
واستفاد الاتحاد الأوروبي من اتفاقية الشراكة مع مصر التي أصبحت سارية المفعول منذ يونيو 2004، والتي كفلت له دخول منتجاته لمصر بدون جمارك، بحيث تزايدت قيمة صادراته لمصر من 10 مليارات يورو عام 2007 حتى اقتربت من 21 مليار يورو عام 2016، ثم تراجعت قليلا في العامين الماضيين إلى حوالي 20 مليار يورو عام 2017، ثم انخفضت إلى 19 مليار يورو في العام الماضي.
أما الواردات الأوروبية من مصر، والتي تمثل في نفس الوقت صادرات بالنسبة لمصر، فظلت على حالها طوال السنوات العشر الأخيرة، حتى أن قيمتها في العام الماضي لم تزد سوى بنحو 263 مليون يورو فقط عما كانت عليه عام 2008. ورغم تذبذها خلال تلك السنوات ما بين الصعود والهبوط ما بين ستة إلى ثمانية مليارات يورو، فلم تتجاوز رقم التسعة مليارات سوى في سنة واحدة عام 2011 ثم عادت للتراجع بالسنوات التالية.
الأرقام السابقة تقدم لنا السر وراء صمت الاتحاد الأوروبي على مجازر النظام ضد الشعب، وتبين لنا أن ما تدعيه أوروبا من مبادئ وشعارات ما هي إلا بضاعة زائفة للاستهلاك الإعلامي او الضغط لتحقيق مكاسب أكبر، وهو ما أيقنه السيسي تماما، وقبل به على الفور، فلا مانع عند السيسي من أن يفرط في كل مقدرات مصر مقابل الاستمرار في الحكم، حتى لو كان حكمه على "رجل مريض".
مصر سوق استهلاكي
من واقع الأرقام والبيانات المعلنة عن حجم التجاربة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، سيتضح لنا ان الغرب يتعامل مع مصر بوصفها سوق استهلاكي يبتلع منتجاب اوروبا، من منطلق أنها رجل مريض لا يقدر على المنافسة خارجيا، او حتى حماية صناعته المحلية داخليا.
بيانات هيئة الإحصاءات الأوروبية (يورو ستات) تؤكد ما ذكرناه، فقد حقق الاتحاد الأوروبي فائضا مستمرا ومتزايدا، في تجارته السلعية مع مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، ليصل هذا الفائض إلى حوالي 91 مليار يورو خلال السنوات العشر الممتدة من عام 2009 وحتى 2018، بمتوسط سنوي يبلغ تسعة مليارات يورو.
وتزايدت قيمة الفائض الأوروبي الذي يمثل في نفس الوقت عجزا تجاريا بالنسبة لمصر، من 3.3 مليار يورو عام 2007 إلى ما يقرب من 14 مليار يورو خلال عام 2016، ثم تراجع الفائض الأوروبي قليلا إلى أقل من 12 مليار يورو عام 2017، ثم لأقل من 11 مليار يورو في العام الماضي.
واستفاد الاتحاد الأوروبي من اتفاقية الشراكة مع مصر التي أصبحت سارية المفعول منذ يونيو 2004، والتي كفلت له دخول منتجاته لمصر بدون جمارك، بحيث تزايدت قيمة صادراته لمصر من 10 مليارات يورو عام 2007 حتى اقتربت من 21 مليار يورو عام 2016، ثم تراجعت قليلا في العامين الماضيين إلى حوالي 20 مليار يورو عام 2017، ثم انخفضت إلى 19 مليار يورو في العام الماضي.
أما الواردات الأوروبية من مصر، والتي تمثل في نفس الوقت صادرات بالنسبة لمصر، فظلت على حالها طوال السنوات العشر الأخيرة، حتى أن قيمتها في العام الماضي لم تزد سوى بنحو 263 مليون يورو فقط عما كانت عليه عام 2008. ورغم تذبذها خلال تلك السنوات ما بين الصعود والهبوط ما بين ستة إلى ثمانية مليارات يورو، فلم تتجاوز رقم التسعة مليارات سوى في سنة واحدة عام 2011 ثم عادت للتراجع بالسنوات التالية.
الأرقام السابقة تقدم لنا السر وراء صمت الاتحاد الأوروبي على مجازر النظام ضد الشعب، وتبين لنا أن ما تدعيه أوروبا من مبادئ وشعارات ما هي إلا بضاعة زائفة للاستهلاك الإعلامي او الضغط لتحقيق مكاسب أكبر، وهو ما أيقنه السيسي تماما، وقبل به على الفور، فلا مانع عند السيسي من أن يفرط في كل مقدرات مصر مقابل الاستمرار في الحكم، حتى لو كان حكمه على "رجل مريض".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق