الرأسمالية العفنة ووباء كورونا "ساويرس نموذجا"




مصطفى السعيد

تجرأ نجيب ساويرس وجعل من نفسه الأكثر فهما في العالم من كبار أطباء الفيروسات ومنظمة الصحة العالمية، وأعلن رفضه لمطلب "خليك في البيت" الذي يهدف إلى وقف تفشي وباء كورونا، ووصل الأمر بنجيب ساويرس إلى تهديده بالإنتحار للفت الأنظار إلى تراجع أرباح شركاته، فحياته هي الأرباح، أما أرواح الناس فلا تعنيه، وهو لا يتحرك إلا في أجواء مضمونة ومعقمة، ويفرض حظرا على نفسه، لا يمكن أن يحتك بعامة الناس في الشوارع والمواصلات العامة، ويقضي معظم وقته في منتجع الجونة على شاطئ البحر الأحمر، وهو معزل فيه كل شروط الأمان والوقاية.
 لكن ليس لدى الناس العاديين قرية سياحية ضخمة مثل الجونة، ولا سيارات معقمة وأطقم طبية تسهر على راحته، لكن ساويرس المعزول يرفض ألا ينزل الناس ليكدوا ويموتوا من أجل زيادة أرباحه، لا يهم لدى الرأسمالية أعداد المتوفين، بل أعداد ملاييين ومليارات الدولارات التي يكدسوها، لا يهم أن تفقد أسرة عائلها أو أب أو أم أو إبن طالما أنهم من الفقراء الذين لاقيمة لهم إلا بمقدار ما يمتص عرقهم ودمهم.

بدلا من أن يرفض ساويرس قرار "خليك بالبيت" الذي اضطر ترامب إلى تنفيذه بعد تفشي الوباء في الولايات الأمريكية، بعد أن كان يرفضه مثل ساويرس، ويرى أن الأرباح أهم من الأرواح، كان يجب على ساويرس أن يقدم نموذجا أقل همجية وعفونة، وأن يتبرع ببعض ما امتصه من عرق ودم الناس لتزويد عدة مستشفيات بسراير تنفس صناعي وعناية مركزة، أو يخصص بعض الوقت لتنتج شركة الخمور التي يملها لإنتاج كحول طبي للتعقيم، أو يقرر تحويل الجونة إلى معزل للمرضى مثلما فعل رجال أعمال في عدة دول، وتبرعوا بالمباني والتجهيزات، فهناك قلة من الرأسماليين يفهمون مصالحهم على المدى البعيد، ويعرفون أن موت الناس سيضرهم، ويمكن أن يسلبهم ثروتهم، فيتبرعوا ببعضها ليتحفظوا بأغلبها.

لكن رجال الأعمال الأغبياء والشرهين والعفنين لا ينظرون أبعد من مؤشر البورصات وأرقام الحسابات، هؤلاء يستحقون إخراهم من بيوتهم، ليركبوا المواصلات العامة، ويختلطوا بالناس، واستعادة ما نهبوه من مال الشعب، وتخصسصها لإقامة المستشفيات ومنتجات الرعاية الصحية.

نجيب ساويرس يواصل الإفساد في الصحة كما في السينما والثقافة والسياسة والإقتصاد، فهو جزء من منظومة من الرأسمالية المعوللمة والشرهة لحد الشراسة، مهما حاولت أن تضع مساحيق تقلل من قبحها.

زقاق النت

زقاق النت

مواضيع ذات صلة:

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.