أمل بلا أوهام..١٠ علامات قبل التغيير القادم في مصر



  • عبد الرحمن منصور ومحمد أبو الغيط- التحرير:

  • المصريون يحتلون الشوارع، يمنعون حتى سيارات الشرطة من المرور، يرفعون الأعلام، ويرددون هتافات وطنية. لا نتحدث هنا عن الثورة بل عن مشهد تكرر في أعوام ٢٠٠٦، و٢٠٠٨، و٢٠١٠، مع فوز فريق مصر ببطولات أفريقيا.
  • كان ذلك أحد نماذج الحِراك المتصاعد في سنوات ما قبل الثورة، حركة كفاية وشباب ٦ أبريل والإخوان، المدونون واتحاد الطلاب الحر، عمال وطلاب ونقابيون وفنانون، مظاهرات وإضرابات ووقفات وجمع توقيعات، كلنا خالد سعيد وسيد بلال وآخرون، وحتى احتلال الشوارع بمناسبات غير سياسية. كل هذه الأحداث، رغم انخفاض سقف أغلبها، كانت بمثابة تدريبات وبناء للوعي والخبرات بانتظار اللحظة الحاسمة.
  • كانت الأعوام من ٢٠١٣ إلى ٢٠١٥ صعبة للغاية على قوى التغيير بمصر، كأنها الثمانينات والتسعينات حين تمكن نظام مبارك من سحق السياسة بحجة محاربته للإرهاب، لكن ثمة ما يدفعنا للقول بأننا عدنا الآن إلى محطة التدريبات التي تتراكم ببطء، لكن بثقة.
  • ١- رفع كُلفة القمع.. لسنا بهذا الرُخص
  • في ٢٠١٣ مُنح أفراد وزارة الداخلية وعدًا على أعلى مستوى بأنهم مُحصنون من الملاحقات القانونية، وبالفعل مر قتل 1000 شخص في يوم فض اعتصام رابعة دون عقاب، وعرف الجميع بعدها أن التعذيب والقتل أصبح بالمجان.
  • لكن مواطنًا بسيطًا اسمه طلعت شبيب، مات من التعذيب، فتظاهرت حشود ضخمة من المواطنين العاديين في محافظة الأقصر بأقصى الصعيد، ولم يتعرضوا للقتل أو الاعتقال، وأجبروا الدولة على تحويل ٤ ضباط للمحاكمة.
  • تكرر ذلك مؤخرًا، الضابط قاتل الطبيب الصيدلي عفيفي حسن بالإسماعيلية حُكم عليه بالسجن ٨ أعوام بعد ضغط شعبي مماثل، والضابط قاتل شيماء الصباغ حُكم عليه بالسجن ١٥ عامًا.
  • وأهالي منطقة الدرب الأحمر الشعبية تظاهروا بوجه مديرية أمن العاصمة بعد قتل أمين شرطة لابن منطقتهم، وهتفوا هتافات الثورة، ولم تُطلق عليهم قنبلة غاز واحدة، بل أحيل القاتل للمحاكمة، واستقبل وزير الداخلية أهل الضحية ليعتذر لهم.
  • مازال مبكرًا التأكد من إحصاءات التعذيب في ٢٠١٦، لكن من الملاحظ الانخفاض النسبي لوتيرة خبر "تُوفي تحت التعذيب" من بعد واقعتي الإسماعيلية والأقصر.
  • ٢- المواطن الفرد .. أنت وحدك البطل
  • في ذكرى يناير ٢٠١٦ ذهبت مواطنة مصرية إلى ميدان التحرير لترفع بيدها إشارة "رابعة" وتهتف ضد السيسي، وصور الشابان شادي أبوزيد ومالك "فيديو ساخرا" بالتحرير أعاد قضية انتهاكات الشرطة لأولوية النقاش العام، ورفعت أسرة مصرية شعارات الصورة على كوبري قصر النيل، ووقف مواطن أمام دار القضاء العالي واضعًا كمامة على فمه ليرفع أسماء المعتقلين.
  • إذا كان قانون التظاهر يمنح الشرطة حق سحق أي تجمع من ١٠ أفراد، وإذا كانت الدولة تغلق كل الطرق المعتادة للاعتراض جماعيًا، فهنا يأتي دور المواطنين الأفراد ليطوروا طرقًا مبتكرة تجرد السلطة من قدرتها على القمع.
  • كل هذه الحالات لم يتعرض بها الأفراد للقتل أو الاعتقال، كأن منتهى الضعف المتمثل في الفرد الواحد يمنحه حماية، تشبه ما تمنحه منتهى القوة المتمثلة بالملايين، وفي نفس الوقت تمنحه رمزية ذات أثر نفسي هائل.
  • ٣- النخب الجديدة .. ٢٠١١ ليس المصنع الوحيد
  • لأكثر من عامين تم إلغاء انتخابات اتحادات الطلاب تمامًا، بعض أنشط القيادات الطلابية تخرجوا من الجامعات، بينما اعتقلت قوات الأمن البعض، وتم شطب أسماء ١٤٦ طالبًا من قوائم الترشح أصلًا، وتم إقرار لائحة طلابية جديدة مُقيِدة، وبالتوازي مع ذلك تم تشكيل ظهير شبابي للدولة في الجامعات باسم "صوت طلاب مصر". حين عُقدت الانتخابات ضربت المفاجأة الجميع، لقد فاز الطلاب المحسوبون على الثورة بجميع مقاعد الاتحادات الطلابية باستثناء أربعة، وبالتالي خرج منهم رئيس ونائب رئيس اتحاد طلاب مصر، وظهرت فورًا تصريحات تضامنهم مع العمل السياسي بالجامعات ومع الطلاب المعتقلين، مما اضطر وزارة التعليم العالي للدخول في معركة ضدهم. هذه شبكات وتنظيمات جديدة تفرز نخبًا شابة جديدة.
  • السجون أيضًا مدرسة كبيرة أخرى، وتدريجيًا تبرز أسماء جديدة، تستند إلى شرعية دفع ثمن النضال، وإلى قدرتهم على تطوير خطاب جديد يجمع الجذرية الثورية مع العقلانية اللازمة لكسب احترام المجتمع، مثل هاني الجمل، الشاعر عمر حاذق، وكذلك برز ذو خبرات علمية وعملية مثل أحمد صقر ود.عمرو إسماعيل ود.أشرف الشريف ود.أحمدعبدربه، وكذلك تطور خطاب كتيبة المحامين الشباب مثل مالك عدلي، محمد الباقر، مختار منير، محمود بلال، سامح سمير، وكذلك جيل جديد من الصحفيين الشباب الذين يصعدون بسرعة في الأوساط الإعلامية.
  • وبالتوازي مع هذا المسار يتم بشكل عملي تجاوز ثنائية الشباب و"العواجيز" التي تسببت في خسارتنا جهود ودعم كثيرين، وترسيخ مفهوم أن الثورة لكل المواطنين المؤمنين بالتغيير وليس الشباب وحدهم، هكذا تحولت سيرة رضوى عاشور وأحمد سيف الإسلام إلى أساطير مقدسة لجيلنا، كما لم يعد الشعر الأبيض عارًا حين يُكلل رؤوس بهي الدين حسن، وجمال عيد، وبسمة الحسيني، ومنى مينا، وحسين خيري.
  • ٤- المصريون الجدد بالخارج
  • كان جيل الثورة في أغلبه طلابًا أو حديثي التخرج، بلا خبرات علمية أو مهنية، وبالطبع بلا قدرة مادية.
  • بعد ٢٠١٣ بشكل خاص سافرت موجة ضخمة من الشباب للتعليم أو العمل بالخارج، بمختلف دول العالم حاليًا هناك شباب مصريون محسوبون على الثورة يصعدون بسرعة علميًا ومهنيًا وماديًا.
  • نكاد نرى بأعيننا الآن المشهد بعد سنوات قليلة، بمجرد فتح أول ثغرة بالمجال العام، سيعود هؤلاء أو يدعمون من بالداخل، يساهمون بإنشاء وتمويل المؤسسات والأحزاب والمبادرات، ويطرحون الحلول. لن نعطي ترشحات المناصب بأسماء أشخاص لا يمثلونا، بل سيكون من بيننا الخبرات السياسية والعلمية للحكم والإدارة.
  • وبالتوازي مع ذلك تتنامى بالخارج تدريجيًا شبكات تجمع المصريين المهنيين من المهمومين بالتغيير، مهندسون وأطباء واقتصاديون، يعملون في صمت حاليًا، وقريبًا يعلو صوتهم خارج مصر وداخلها حين تسمح الظروف.
  • ٥-  لأنها "ثورة مضادة" ...
  • في ٢٣ يناير شهدت مصر موقفًا يحدث للمرة الأولى بتاريخها السياسي كله، الرئيس ينتقد بشدة رفض البرلمان قانون الخدمة المدنية، ويحمله مسئولية تعطيل خطة "الإصلاح"، وبعدها لم تعرض الحكومة على البرلمان اتفاقيات القروض وزيادات الجمارك.
  • لكن أليس هذا هو البرلمان المنتخب بتوجيه حكومي تام؟ ألم تضع الدولة قانونًا ترفضه كل الأحزاب، وفازت القائمة الأقرب لها بكل المقاعد؟ التفسير هو أن خطاب الثورة تجذر في المجتمع كأدوات حتى لو لم يكن بنفس الأهداف، آليات مثل الحشد الشعبي، الاستجابة للإعلام، ضعف السلطة الفردية ..الخ استخدمتها الثورة المضادة أيضًا، والنتيجة هي تفكيك قبضة السلطة المركزية حتى لو كان ذلك بفعل قطاعات من مؤيديها ومكوناتها.
  • وفي نفس السياق شاهدنا أيضا إعلاميين يعلنون مخالفتهم لرأي الرئيس حين دعا للتفاوض مع روابط الأولتراس، ورجال أعمال ينتقدون علنًا الأداء الاقتصادي، بل وأمناء شرطة ينظمون إضرابات واعتصامات.
  • نعم عادت سياسات دولة مبارك، لكن لم تعد أبدًا الهيمنة الكاملة لقائد يملك كل السلطة مثل مبارك.
  • ٦- الدولة تخسر صفقتها التاريخية
  • كانت صفقة دولة يوليو منذ نشأتها هي هيمنة الدولة على السياسة والاقتصاد، والقضاء التام على الديموقراطية، في مقابل مكاسب اقتصادية واجتماعية للشعب.
  • ومنذ عهد السادات، تم إدخال الجانب الخارجي بالصفقة، حيث تلعب مصر دور حامي السلام مع إسرائيل، ومحارب الإرهاب لحفظ استقرار المنطقة، مقابل تغاضي الغرب عن ملفها الحقوقي، كما تمثل مصر للخليج المدافع الأول ضد النفوذ الإيراني، وتتلقى المساعدات السخية مقابل ذلك.
  • الدولة الحالية لم تعد قادرة على دفع نصيبها من الصفقة، لم تعد قادرة على دعم الوقود والكهرباء والمياة، وكل السلع تزداد أسعارها بجنون بسبب أزمة الدولار التي تسببت بها السياسات الاقتصادية المتخبطة، وكرر السيسي بصراحة تامة أن الدولة "لا تستطيع"، رغم أنه في ذات الوقت تصمم الدولة على الحفاظ على نصيبها من الصفقة، وتتوالى زيادات رواتب الجيش والشرطة والقضاء.
  • قطاعات شعبية واسعة بدأت في التذمر، وكان أكثر المشاهد رمزية أن أول مظاهرة تدخل ميدان التحرير بعد مظاهرات ٣٠ يونيو ليست بمطالب سياسية، بل مظاهرة حملة الماجستير والدكتوراه المطالبين بالتعيين، فضتها قوات الأمن بالقوة، لكن تم الإفراج الفوري بعدها عن ٣٠ متظاهرًا تم القبض عليهم.
  • وكذلك يعود حِراك العمال، حسب تقرير مؤشر الديموقراطية، شهد عام ٢٠١٥ أكثر من ١١٠٠ احتجاجًا عماليًا، منها ٢٠٧ إضراب، وفي مقابل ذلك قُتل اثنين من العمال، وتم فصل ٨٢، والحكم بالسجن على ١٠ عمال فقط، ويبدو العام الحالي واعدًا، مع بدايته بإضراب ١٠ آلاف عامل بشركة بتروتريد.
  • وعلى جانب آخر، يتسبب الإحباط المعيشي في عودة قطاعات أوسع من أهل "الكنبة" إلى قواعدهم، حين دعاهم السيسي للنزول للتفويض استجابوا بالملايين، لكن حين دعاهم هو نفسه مرة أخرى للتصويت في انتخابات مجلس الشعب، كان كثيرٌ منهم قد اختفى، وظهرت اللجان الخاوية. من حسن حظ المعارضة المصرية أن الفاشية الشعبية غير مؤدلجة وغير منظمة، وقصيرة الأنفاس، لذلك حتى لو لم يتحولوا لمعارضين، إلا أن كثيرين منهم فقدوا الحماسة القديمة.
  • الدولة المصرية تعثرت أيضًا بصفقتها الخارجية، الإرهاب في سيناء يتوسع، ولا يُقدم النظام صيغة مطمئنة للاستقرار وأًصبح لا يهتم بتمثيل احترام حقوق الإنسان، مما جعله عُرضة لإدانات غربية كقرار البرلمان الأوروبي الأخير، ودول الخليج غاضبة أيضًا لأن مصر أيدت القصف الروسي ضد المعارضة السورية، ولأن مصر لم ترسل قواتها لحرب اليمن، وانعكس ذلك في تراجع كبير بالمساعدات الخليجية.
  • ٧- ثورات صغيرة ناجحة
  • كان مشهد آلاف الأطباء يهتفون ضد وزارة الداخلية في قلب العاصمة مشهدًا أسطوريًا سيتكرر في الأسابيع والشهور القادمة. لم يتحرك الأطباء من أجل مطالب عامة واسعة، بل بمطالب تفصيلية تجمع فئتهم على اختلاف انتمائاتها. هذا هو مشهد ٢٠١٦حيث لم نعد لمرحلة وجود لافتة سياسية جامعة، لكن أصبحت هناك جبهات عديدة تكمل بعضها في المشهد الكبير، وتطرح معارك تخص التفاصيل العملية الواضحة، مما ساعد على تخفيف الاحتقان السياسي بين مختلف مكونات كل فئة، حتى على الإنترنت بدلًا من وجود صفحة رئيسية واحدة هي "كلنا خالد سعيد" تعددت الصفحات والمنصات بدءً من "عشان لو جه ميتفاجئش"، و"ثورة الانترنت" وانتهاءًا بـ "أصاحبي".
  • ٨- القفز فوق "الإخوان"
  • في ذكرى يناير الماضي، خرجت ٤٠ مسيرة إخوانية لم يُقتل بها أحد، ولم يسمع بها أحد أيضًا .. أحد أصدقائنا شارك بتلك المسيرات ليقيس رد فعل الناس، فوجد المواطنين على القهاوي يبدون التذمر والقرف لكن دون أي محاولة لفض المظاهرات بأنفسهم، أو إيذاء من يمشون بها كما كان يحدث سابقاً. (علامة أخرى على تراجع الفاشية الشعبية)
  • لفترة طويلة استخدمت السلطة وجود الإخوان لتعطيل أي حِراك، بالتلويح بأنها الخيار الوحيد لمنع عودة الإخوان للانتقام من جميع القوى، لكن واقعياً تراجع نشاط الإخوان بشدة خاصة مع تصاعد خلافاتهم الداخلية، تقريباً اختفت العمليات النوعية وكذلك مظاهرات الشرعية، لم يعد مقنعًا أنهم الخطر الداهم، أو أن عودتهم وانتقامهم تهديد مطروح جديًا، لذلك تتراجع قضيتهم تدريجيًا من أولويات النقاش العام، كما تراجعت قضايا الاستقطاب العلماني الإسلامي.
  • كأننا قفزنا فوق هذا العائق إلى الجانب الآخر بدلاً من تحريكه.
  • وبالتوازي مع ذلك يكتشف المزيد من المصريين تدريجيًا طرق الدولة في تصدير الفزاعات، ويكفون عن تصديقها، لذلك فوراً ظهرت مسبقاً السخرية من أنه سيظهر أن منى مينا وحسين خيري من الإخوان.
  • ٩- كسر الهيبة .. لا "استبداد حكيم" بعد اليوم
  • استغرق مبارك ٣٠ عامًا حتى ينتقل من خانة الرئيس "الحكيم" كما كان يسوق  إعلامه إلى خانة الرئيس الفاشل الدكتاتور، ورغم ذلك لم يتمكن معارضوه من العثور على لقطات فيديو أو تصريحات يمكن استغلالها للسخرية منه على نطاق واسع، كانت طريقته في الحديث مكررة ومملة لكنها تحميه من التسفيه.
  • حاليًا العجلة دارت أسرع بكثير، وفي عامين انتقل السيسي من خانة القائد الوقور الذي أنقذ مصر، إلى زرع شعور بالشك في قدراته، سواء على أرض الواقع بافتقاده شرعية الإنجاز الاقتصادي الملموس، أو على الإنترنت بمئات مقاطع الفيديو لحديثه غير المرتب، لينتقل معارضوه من هيبته إلى السخرية منه، بينما ينتقل قطاع من مؤيديه من خانة "السيسي سيجعل مصر أد الدنيا" إلى خانة "ربما ليس أفضل أداء لكن لا بديل له/ أفضل من سوريا والعراق".
  • ١٠ - تحالف أضيق للسلطة.. تحالف أوسع للمعارضة
  • حرص مبارك على عمل أوسع تحالف ممكن لإدارة الفساد، بمشاركة رجال الاعمال وبيروقراطية الدولة والأجهزة الأمنية، بالتوازي مع قدر معقول من احتواء المعارضة - عشرات مقاعد مجلس الشعب نموذجًا - كما ظلت هناك قواعد صارمة للقمع الأمني، تجعل حده الأقصى كالقتل والتعذيب مقتصرًا على جماعات العنف، بينما يُحبس الإخوان لفترات قصيرة، بينما باقي القوى آمنة تمامًا.
  • ما يحدث الآن هو تضييق تحالف الفساد حتى يكاد يقتصر على الأجهزة الأمنية والعسكرية، بينما يستاء البيروقراطيون ورجال الأعمال، الذين أعلن بعضهم علنًا استياءه من السياسات الاقتصادية، وبشكل واضح لم يتبرعوا بالأموال التي طالبهم بها الرئيس السيسي.
  • بالتوازي مع ذلك يتم استبعاد كل المعارضين بما فيهم منخفضي السقف، والخروج التام عن قواعد القمع القديمة إلى حد اعتقال شباب الثلاثين من يونيو مثل محب دوس ومحمود السقا، ولهذا تدريجيا تتكون جبهة معارضة أوسع بكثير، تشمل حتى بعض رجال النظام السابقين. بسهولة يمكن ملاحظة تغير توجهات الإعلاميين بالصحف والقنوات، وارتفاع سقف خطاب السياسيين غير الجذريين، الذين انتقل بعضهم من التهليل للسيسي إلى معارضة الحكومة أو حتى معارضة شخصه الصريحة.
  • ****
  • كل النقاط السابقة تؤكد أننا دخلنا مرحلة شبيهة بعام ٢٠٠٥ حين بدأ غروب عصر مبارك، نحن في مرحلة الإحباط والشك الذي يتحول تدريجياً إلى غضب، وتمارس قطاعات مختلفة وواسعة تمرينات الحِراك المتنوعة.. ما زلنا نحتاج بعض الوقت كي نصل إلى المرحلة التالية في ٢٠١٠، حين يتحول الغضب إلى أمل بتراجع فكرة "لا يوجد بديل" لصالح وجود شعور جمعي بإمكانية البديل، حتى لو لم يكن يطرح نفسه.
  • الجمعية الوطنية للتغيير لم تقل قط أن أحد مؤسسيها يمكن أن يكون رئيسًا، ولا حتى دعت لإسقاط مبارك فورًا، لكن وجودها الضمني منح الناس هذا الشعور.
  • لا نبحث عن التفاؤل بخداع النفس، ندرك مدى ضعف قوتنا وتشتتنا، وأنه مازال هناك قاعدة شعبية تؤيد النظام الحالي، لكننا ندرك أيضًا أننا في هذه اللحظة مازلنا قادرين على إزعاج العملاق، بل استعدنا زمام المبادرة في بعض الهوامش، ونعرف أن احتمالات المستقبل مفتوحة، سواء كانت بنفس الخيال السياسي القديم أو بطرق أخرى مختلفة تماماً، ونتائج الثورات تُحسب بالسنوات لا بالأشهر. لم ننتصر، ولم ينتصروا أيضًا.

زقاق النت

زقاق النت

مواضيع ذات صلة:

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.