سؤال لم يطرحه تسيبراس على السيسي



عبدالرحمن كمال 
 
كالعادة.. استقبل الاعلام المصري لقاء رئيس الوزراء اليوناني الشاب اليكسس تسيبراس مع عبدالفتاح السيسي، قبل أيام في اثينا، بتفخيم وتضخيم وتحليل.
انبرت وسائل اعلام النظام المصري على اختلاف أشكالها، بتقديم الخبراء الاستراتيجيين والمحللين الاقتصاديين والباحثين السياسيين للتأكيد على أهمية زيارة السيسي الى اليونان ودورها في ارجاع مصر الى مكانتها الدولية والاقليمية.
ما لم يذكره لنا الاعلام، هو ما الذي ستقدمه اليونان التي اعلنت افلاسها رسميا، لمصر التي على وشك الافلاس؟
ما لم يذكره لنا هؤلاء المحللين والخبراء والباحثين، او تغاضوا عن ذكره عمدا، هو حالة اليكسس تسيبراس ، فهو بالقطع حالة في حد ذاتها تستوجب الدراسة واستخلاص العبر.
حينما تيقن الشعب اليوناني من الافلاس، وشعر بالخطر على مصير ومستقبل بلاده، لجأ على الفور الى حزب سيناسبيزموس وعلى رأسه اليكسس تسيبراس زعيم المجموعة البرلمانية لائتلاف اليسار المتطرف.. لجا اليونانيون الى شاب لم يتجاوز الـ 41 من عمره، وهم واثقون في قدرته على اخراج اليونان من كبوتها.
على النقيض، حينما شعر المصريون بالقلق على ديمقراطيتهم وحريتهم ومستقبلهم –على حد زعم السيسي وعصابته- في فترة حكم محمد مرسي، رغم كون عام حكمه هو افضل على مر عقود متتالية من كافة المناحي، وبشهادة كل مراكز الابحاث والتقارير بما فيها تقارير مؤسسات الدولة.
حينما شعر المصريون ان بلادهم تختطف، هرعوا على الفور الى جنرال تخطى عمره الـ 62 عاما، وهنا يكمن الفارق.
الغرب على الفور سر قوته وتقدمه في اعتماده الكلي على الشباب، في حين نجد أن كل الانظمة العربية يحكمها ثلة من العواجيز تتاروح أمعارهم في السبعينات والثمانينات، وهو السن الذي يكون الانسان فيه بحاجة الى من يدخل معه "دورة المياه" لمساعدته في قضاء حاجيته، فهل سيقدر هذا الكهل على مساعدة دولة للنهوض بها.
يعتبر بشار الاسد وملكا الاردن والمغرب هم الاستثناء من تلك القاعدة، والثلاثة يكفي فقط ان نشير الى حال بلادهم، فالاول حول سوريا الى مقبرة، والثاني سار على درب أسرته في تدمير الاردن اقتصاديا وتقزيمها سياسيا، بينما جعل الثالث بلاده "ماخورا" لشهوات اغنياء الخارج وسجنا لفقراء الداخل.. والعجيب ان الثلاثة قضوا على الربيع العربي حينما اقترب من حكمهم.
اذن، اتضح الفرق الجوهري بيننا وبين الغرب، وهو الفارق الذي تحدث عنه النبي في الحديث عن فضل الغربيين" إن فيهم لخصالا أربعا إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة وأوشكهم كرة بعد فرة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك".
مصر واليونان تعتبران احدث حالات التعبير عن الفارق بين الغرب والعرب، لكن الاعلام المصري ركز فقط على البهرج الخداع من زيارة السيسي الى اثينا، وانبروا في تصوير الزيارة على انها رسالة تحذير مرعبة الى نظام الرئيس التركي اردوغان.
لكن الاعلام المصري لم يخبرنا عما توصل اليه السيسي مع تسيبراس بشأن حقول الغاز المصرية في البحر المتوسط.
لم يخبرنا الاعلام المصري كيف رد تسيبراس على السيسي فيما يخص ازمة حقول الغاز البحرية التي تعتبر واحدة من اهم المسائل العالقة بين دول البحر المتوسط وعلى راسهم تركيا والكيان الصهيوني وقبرص واليونان ومصر.
يبقى السؤال الاهم الذي لم يسأله تسيبراس الى السيسي، لم يسأل تسيبراس عن أقرانه من الشباب المصري، لم يفكر من الاصل فيهم، ربما لايمان وقناعة الشاب اليوناني ان دول العرب تختلف جذريا عن بلاده، فدول الغرب قاطبة تثق ان الديكتاتورية هو النظام الناجع للدول العربية، وهو الاقدر على ضمان مصالحهم، فالديكتاتور دوما على استعداد للتفريط في حقوق وثروات بلاده للحماية منصبه.
لم يسأل الشاب تسيبراس عن الشاب احمد ماهر او الشاب احمد دومة او الشاب علاء عبدالفتاح، رغم شهرتهم الكبيرة لدى الغرب. لم يسأل اليوناني اليساري عن أبناء جلدته، اذا اعتبرنا اليسار فكرة عالمية.
لم يسأل تسيبراس السيسي: "ماهو حال شباب مصر؟ وأين يمكنني ملاقاتهم؟ وما هو موقف حكمك منهم؟"
أعتقد أن تسيبراس يعي جيدا أن أقرانه من شباب مصر قابعون في سجون ضيفه، وربما لهذا لم يسأل عليهم، فواقع الامر ان الغرب يتعامل مع السيسي والانقلاب على انه صار امرا واقعا، في حين لا يزال البعض يتغنى بالمجتمع الدولي لينصر المظلومين ويفك اسر المعتقلين.
صحفي ومدون مصري

زقاق النت

زقاق النت

مواضيع ذات صلة:

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.