<< رغم تدبير أمريكا
للانقلاب.. إدارة أوباما غير راضية عن الوضع الحقوقي في مصر
<< أميركا
لن تتخلى أبدا عن الجيش المصري حليفها الموثوق.. والسيسي مطمئن لرعاية
"إسرائيل" له
<< باحثان بمعهد واشنطن: أمريكا
غير راضية عن أداء الجيش المصري في محاربة الإرهاب.. ولن تستثمر في مصر لسيطرة
القوات المسلحة على الاقتصاد
<< أمريكا لا تنظر الى
السيسي باعتباره شريكا.. بل مجرد منفذ لسياسات الجيش المصري التي لن تعارض مطلقا
مصالحها او أمن "اسرائيل"
<< سذاجة
الإخوان صورت لهم نجاحهم في إخراج الجيش من اللعبة.. وتوهموا بقدرتهم على مناورة
أمريكا بشكل تدريجي
<< أمريكا
لا يوجعها سوى مصالحها و"اسرائيل".. ومعسكر الثورة لم يفكر يوما في
تهديد هذه المصالح
عبدالرحمن كمال - زقاق النت:
قبل أيام من الذكرى
الخامسة لثورة 25 يناير، التقى عبدالفتاح السيسي، بمدير وكالة الاستخبارات
المركزية الامريكية CIA جون برينان،بحضور
خالد فوزي رئيس المخابرات العامة، والسفير الأميركي في القاهرة ستيفن بيكروفت.
وتحل الذكرى الخامسة بعد
دعوات متفاوتة بين المشاركة لاسترداد الثورة، من قبل فصائل الثورة المختلفة،
يقابلها تهديدات من قبل الاعلام ورجال النظام الحاكم.
لقاء السيسي برئيس
الاستخبارات المركزية يذكرنا بزيارة سامي عنان رئيس الأركان الأسبق إلى امريكا
قبيل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، والتي قطعها مسرعا عقب انطلاق التظاهرات.
السفير علاء يوسف، المتحدث
الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، صرح بأن برينان أشاد بالعلاقات الاستراتيجية بين مصر
والولايات المتحدة، منوها بأهمية مواصلة تعزيزها والبناء عليها في كل المجالات؛ ومن
بينها المجال الأمني، آخذًا في الاعتبار أن مصر ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والسلام
في منطقة الشرق الأوسط. ووجه برينان التهنئة إلى السيسي على استكمال استحقاقات «خريطة المستقبل» وانتخاب
مجلس النواب الجديد.
لماذا الآن؟
الانقلاب العسكري
الذي حصل في 30 يونيو 2013، ويؤكد من جديد أن أميركا لن تتخلى أبدا عن حليفها
الموثوق في مصر الا وهو الجيش المصري، ولم ولن ترضى واشنطن بأية مراهنات غير
مضمونة على اية فصائل قد تمثل تهديدا ولو طفيفا على امن العدو الصهيوني، وبالتالي
لن تحاول أن تدفع أو تدافع عن الديمقراطية في مصر ، وهو ما حاولت جماعة الاخوان ان
تستغله، وثبت فداحة وسذاجة قادتها.
لكن، إدارة أوباما
غير راضية عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، او هكذا تشيع بين الأوساط الاعلامية
المحسوبة عليها، كما ان مصر لم تعد على أولويات الولايات المتحدة في المنطقة،
لاسيما بعد ان أمنت وضمنت حماية العدو الصهيوني، بعد عودة الجيش المصري مرة أخرى
الى كرسي الحكم.
السيسي -سواء اختلفنا
او اتفقنا على مستوى ذكائه او غبائه- يعي جيدا ان الكارت الرابح، بل الكارت الوحيد
الرابح، مؤيد له ومدافع عنه وعن بقائه، نتحدث هنا عن العدو الصهيوني.
يعلم السيسي جيدا ان
دعم "اسرائيل" له منقطع النظير، وتأثيرها على القرار الأمريكي غير
محدود، لاسيما ما يخص السياسة الامريكية في الشرق الاوسط، وبالتالي يشعر ببعض
الطمأنينة لعلمه وتيقنه بان دعم "تل أبيب له" سيحول دون أي محاولة
لأمريكا للانقلاب عليه، على الاقل على المدى القريب، وحتى اذا حدث الانقلاب على
السيسي فسيكون على طريقة 25 يناير، ازاحة عسكري وتنصيب عسكري آخر.
إذن..
ما سر اللقاء؟ وفي هذا التوقيت؟
نعود هنا إلى التقرير الذي أعده كلا من فين ويبر، وغريغوري كريغ، لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنىعقب
زيارتهما الأخيرة الى مصر.
والسيد ويبر هو عضو سابق في الكونغرس الأمريكي
عن الحزب الجمهوري من ولاية مينيسوتا والرئيس السابق لـ "الصندوق الوطني
للديمقراطية". والسيد كريغ هو مستشار سابق في البيت الأبيض خلال إدارة أوباما
ومدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارة بيل كلينتون.
يرى فين ويبر أن
الوضع في مصر هو أكثر تعقيداً
مما كان عليه قبل ثلاث سنوات، والمجتمع المصري أكثر استقطاباً من أي وقت مضى، وهناك
قضايا تلوح في الأفق من بينها عدد السكّان المتزايد بسرعة الذي يتطلّب نموّاً اقتصادياً
استثنائياً بمعدّل ١٠ في المائة.
وبشكل منفصل، تتمتّع الحكومة
الحالية بعلاقة قوية مع القوات المسلحة أكثر من سابقتها - والقوات المسلحة هي مؤسسة
محترمة في معظم أنحاء مصر. إلّا أنّ هذه القوات قد فشلت في تحقيق العديد من أهدافها.
وعلى وجه الخصوص، تساور المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون نفس دواعي القلق إزاء خطوات
الجيش المصري في حربه ضدّ الإرهاب في شبه جزيرة سيناء. فالحادث الأخير الذي أُسقطت
فيه طائرة ركّاب روسية يشير إلى مجموعة من التوتّرات ذات الصلة. على سبيل المثال، تمثّل
قناة السويس عقدة مهمّة في العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر، كما أن التهديد الأمني
المتعلق بذلك يقلق كلا الطرفَين، بحسب ويبر.
ونظراً لهذه المعطيات،
يسعى المسؤولون المصريون إلى زيادة المساعدات الأمريكية وتشجيع واشنطن على الاستثمار
في مصر. إلّا أنّه من غير المرجّح أن يقتنع
الكونغرس الأمريكي بتعزيز المساعدات لمصر.
غريغوري
كريغ قال:
هناك اختلافات كثيرة بين
مصر في عام ٢٠١٢ ومصر اليوم. وتشمل هذه الاختلافات سلوك الجيش ورأي الجمهور من الجيش.
ففي عام ٢٠١٢، لم يكن الجيش مؤسسة شعبية، لكن اليوم أصبحت النظرة إليه أكثر إيجابية.
فخلال زيارتنا الأخيرة، انتقد المصريون بشدّة الولايات المتحدة ووصفوا المخاطر الأمنية
التي تهدد مصر بعبارات كارثية. ويؤمن الجيش أنّه محاصر من كل جانب، بما في ذلك من ليبيا
وسيناء. وبالتالي من المرجّح أن يعمل المسؤولون العسكريون المصريون مع المخابرات الإسرائيلية
بشكل وثيق أكثر من أي وقت مضى.
وبالنسبة إلى السياسة
الاقتصادية، تضع الحكومة المصرية آمالها في مشروع كبير للبنى التحتية. ويمثّل هذا حلّاً
لخلق فرص عمل للشعب، والذي قد يكون له فائدة على المدى القصير. ومن غير المعروف ما
إذا سيكون عاملاً حاسماً على المدى الطويل. ونظراً للاستثمار الجلي لمعظم الأموال العامّة،
يوفّر المجال الاقتصادي فرصة للولايات المتحدة لتحقيق تقدّم - يرتكز على تعزيز أرضيّة
الأهداف الملموسة - من خلال نجاحات دبلوماسية صغيرة قد تبرز خلال العملية. ومع ذلك،
فإن ٤٠ في المائة من الاقتصاد هو تحت سيطرة القوات المسلحة، مما يجعل الإصلاح صعباً
جدّاً. وبالتالي، من المرجح أن يكون الكونغرس الأمريكي أكثر استعداداً لزيادة تمويل
أنشطة مكافحة الإرهاب بدلاً من زيادة المساعدات الاقتصادية.
وعلى الرغم من الوضع الصعب،
إلا أنّ السفارة الأمريكية متأكدة من خطاها تحت قيادة سفير رائع. ومع مرور الوقت يمكن
الحفاظ على سياسة متجذّرة في مشاركة بنّاءة مع مصر. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع الولايات
المتحدة الإنخراط [في الأنشطة الإنمائية] من دون التغاضي عن انتهاكات أو تجاوزات حقوق
الإنسان. على الرئيس باراك أوباما أن لا يدعو السيسي إلى واشنطن ما لم يظهر هذا الأخير
استعداداً لمناقشة جدول الأعمال بأكمله.
ماذا يعني كلام ويبر وكريغ؟
كلام الباحثين
الضالعين بالعديد من بواطن الأمور حول العلاقة بين مصر وأميركا بحكم مناصبهما
السابقة، لم ياتي بجديد، سوى تأكيد حقيقة يريد الجميع إغفالها.
كانت غلطة الإخوان
الكبرى انهم اعتقدوا نجاحهم فى اقصاء الجيش من المعادلة الثلاثية (أمريكا + العسكر
+ الاخوان)اعتقدت جماعة الاخوان انها تمكنت من تفريغ المعادلة السابقة من الطرف
الثاني والأقرب إلى امريكا، وهم عسكر كامب ديفيد، الذين كانوا من الدهاء والذكاء
بتزويد هذا الشعور لدى الاخوان.
ظنت جماعة الاخوان
انها الان في مواجهة ندية مع أمريكا، واعتقدوا بشكل ساذج ان منهجهم الذي ازاح
العسكر من طريقهم، سيفلح مع امريكا، وسولت لهم عقولهم التي لا تقبل النقد ولا تسمع
النصح، ان المنهج الاصلاحي التدريجي الذي طبقته الجماعة مع العسكر حتى اخرجتهم من
المشهد في مصر وأدى في النهاية الى تنصيبهم على كرسي مصر، اعتقدوا ان هذا المنهج
سيفلح مع الامريكان، بمعنى: "سنلاعب الأمريكان ونخدعهم حتى نحصل على ما نريد
خطوة خطوة" وتوهمت الجماعة انها باتت حجرا أساسيا تعتمد عليه أمريكا في بناء
سياستها في المنطقة، ولو من باب فرض الأمر الواقع، على اعتبار أنهم منتخبون بشكل
ديمقراطي.
كانت الايام القليلة
كفيلة باثبات الفشل الذريع لاعتقاد الاخوان، فلا الجيش خرج من اللعبة كما ظنوا، ولا أمريكا
استسلمت لهذا الأمر الواقع، وكان الانقلاب الذي دبرته امريكا ورعته
"إسرائيل" ونفذه عسكر كامب ديفيد على روح وشرف ثورة يناير، وليس جماعة
الاخوان، لكن شاءت الظروف والعقيدة الايدلوجية ان يكون الاسلاميين هم كبش الفداء.
كلام الباحثين يؤكد
ان امريكا لا يعنيها في المنطقة سوى مصالحها، وفي القلب من هذه المصالح حماية أمن
الصهاينة، ومن هذا المنطلق، ستبقي على الحكم في مصر في يد عسكر كامب ديفيد، متمثلين
في مؤسسة القوات المسلحة، ولن تشغل نفسها بأي تجارب أخرى قد تفرز في يوم من الايام
فصيل يعادي العدو الصهيوني.
لكن كلام الباحثين
أيضا يؤكد ان الولايات المتحدة لا تنظر الى السيسي باعتباره شريكا كما زعم متحدث
الرئاسة المصرية، ولن تفكر يوما ان تعامله معاملة الزعماء كما يردد ببغاوات
الناصرية والقومية في مصر، فأمريكا تعتبر السيسي "ساعي" او مجرد منفذ لسياسات الجيش المصري التي لن تعارض
مطلقا مصالح أمريكا و"اسرائيل".
حالة الجمود التي
ضربت معسكر الثورة بفصائله، وحالة الخنوع التي يعانيمنها اكبر فصيل اسلامي في
مصر، ونقصد جماعة الاخوان، التي تنتهز كل فرصة للعلق عتبات البيت الابيض لعل
واشنطن تعيدهم الى الجنة التي انطردوا منها، كل ذلك أكد لأمريكا أن الجيش المصري
أحكم قبضته على مصر، الى حين اشعار آخر.
وطالما ان أمريكا لا
يوجعها سوى مصالحها و"اسرائيل" وطالما ان معسكر الثورة لم يفكر يوما في
تهديد هذه المصالح وخاصة امن "اسرائيل"، فلا مانع لدى واشنطن من الابقاء
على عسكر كامب ديفيد في سدة الحكم، ولا مانع ايضا من تحقيق رغبة
"إسرائيل" بالابقاء على السيسي رئيسا لمصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق